پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج1-ص2

ثانيها:الإجارة من العقود اللازمة للأصل والإجماع بقسميه على الظاهر ولأنه المشكوك في لزومه وجوازه الاستصحاب والقاعدة الشرعية المأخوذة من (أوفوا بالعقود) يقضيان بلزومه وللأخبار الدالة على لزومها خصوصاً المعتضدة بفتوى الأصحاب (رحمهم الله) فلا بد لها من لفظ ولا يكفي غيره إلا في المعاطاة على الأظهر أو إشارة الأخرس ونحوه صريح بمادته مشتق من الإجارة كآجرتك أو من الكري كأكريتك أو مشتق من الأعم القريب كملكتك المنفعة أو مشترك لفظي أو معنوي ولا يكفي بعتك المنفعة أو وهبتكها أو أعرتك العين لعدم الصراحة فيقتصر على مورد اليقين ولا بد من كونه على هيئة الماضي وإن يكون غير ملحون بنسبته اقتصاراً على المتيقن وكذا كل مجاز ما لم يكن مشهوراً وفي كونه غير ملحون بإعرابه أو كونه عربياً أو كونه مرتباً إيجابه على قبوله نظر وتأمل وبعضهم حكم بمنع تقديم القبول على الإيجاب في لفظ قبلت من غير إشكال لعدم استقلالها والظاهر أنه كذلك وهل تلزم معاطاتها بالتصرف بالعين المستأجرة أو لا تلزم لأن المنفعة المقصودة بالمعاوضة مما يتجدد فلا يتحقق التصرف بها وجهان ولا يبعد الأول كما لا يبعد في الاستئجار على الأعمال عدم اللزوم باستيفاء بعض العمل بل تبقى على الجواز ما لم يتصرف المؤجر بالأجرة أو يجيء اللزوم من باب آخر ولا ينفسخ عقدها بالبيع وشبهه للعين المستأجرة للأصل والإجماع والأخبار الخاصة ومنها الصحيح لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى والصحيح الآخر فيمن استأجر ضيعة فباع المؤجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر ولم ينكر البيع ومات المشتري وله ورثة هل يرجع ذلك الشيء في ميراث الميت أو يثبت في يد المستأجر فكتب يثبت في يد المستأجر حتى تنقضي إجارته إلى غير ذلك ثم مع بيع العين المستأجرة إما أن يكون المشتري عالماً بالاستئجار ومدته فلا إشكال في صحة البيع وإن كان عالماً به جاهلاً بمدته فيمكن القول بفساد البيع لمكان الجهالة إلا أن الصحة أقرب وإن كان جاهلاً بالاستئجار تسلط على الخيار بين الفسخ وبين الإمضاء مجاناً كما هو ظاهر الأصحاب لأصالة عدم الأرش ومن ذلك يظهر أن هذا الخيار ليس بخيار عيب ولا تبعيض صفقة بل هو لخيار فوات الوصف والحق أنه خيار مستقل لمكان الضرر ولا تبطل الإجارة بالموت للأصل والأخبار الخاصة الدالة على لزوم الإجارة بقول مطلق ولفتوى المشهور وللسيرة الدالة على ذلك في وجه خلافاً لمن أبطلها بالموت مطلقاً ولمن أبطلها بموت المستأجر دون المؤجر ونقل على الأول الإجماع مطلقاً وكذا على الثاني بخصوصه ونسب لجملة من المتقدمين الحكم بكل منهما وعلل الحكم بذلك بعلل ضعيفة واهية لا محصل لها وعلى كل حال فالقولان ضعيفان لضعف الإجماع المنقول مع فتوى المشهور بخلافه فلا يعارض ما قدمناه واستند بعض أصحابنا المتأخرين لعدم انفساخها بالموت إلى روايتين والحق أنهما لا دلالة لهما على المطلوب بوجه بل العمدة ما ذكرناه ويستثنى من ذلك المستأجر المشروط عليه المباشرة فإن الإجارة تنفسخ بموته وكذا المؤجر لو كانت المنفعة موصوله بها ما دام حياً أو كانت العين موقوفة عليه وعلى البطون اللاحقة فإنها تنفسخ بموته لتعلق حق البطون اللاحقة به لتلقيهم من الواقف لا منه ولأنه لا يملك المنفعة المتجددة بعد الموت حين العقد كما يملكها في سائر الأملاك نعم لو أجر ناظر الوقف الوقف لمصلحة البطون مضت الإجارة عليهم لأنه بمنزلة الولي عليهم فلا تنفسخ بوجه ولو تبين خلاف المصلحة للبطون اللاحقة ففي انفساخ الإجارة وجه.