احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص182
وفيه ما لا يخفى وذلك لأن الأصل مقطوع بما سمعت من الأدلة، وأما السيرة المدّعاة فهي في محل الفرض ممنوعة أشد المنع، بل يمكن دعوى السيرة على الإنكار على ذلك من العوام والعلماء، وأما دعوى اندراجه فيما دل على مداعبة المؤمنين ومزاحهم فممنوعة بدعوى انصراف الأدلة إلى غير الفرض، وعلى تقدير شمولها لذلك، فلا بد من تقييدها بما سمعت من الأدلة الدالة على التحريم، وأما ما ذكره أخيراً من إمكان القول بجواز أخذ الرهن بعنوان الوفاء بالعهد فمما لا نعقل له معنى، لأن العهد الذي تضمنه العقد الفاسد لا معنى لاستحباب الوفاء به؛ إذ لا يستحب ترتيب آثار الملك على ما لم يحصل فيه سبب الملك، أللهم إلا أن يراد بالوفاء هنا إيجاد سبب الملك بعد الغلبة في اللعب فيكون تمليكا جديداً، وهذا مع كونه ليس وفاءاً بالعهد الذي تضمنه العقد الفاسد يمكن جريانه في القمار المحرم حذو النعل بالنعل، قصارى الأمر أن الفرق بينهما استحباب الوفاء بالعهد هنا وعدم استحباب الوفاء بالعهد في القمار المحرم، والاستحباب وعدمه لا دخل له في حِل المال المبذول والكلام فيه فتبصّر.
هذا كله إذا كان اللعب بغير آلته المعروفة له مع الرهن، أما لو كان كذلك بغير رهن فالمنقول عن ظاهر المسالك الميل إلى الجواز(1)، وعن صاحب الكفاية أنه استجوده(2)، وقد سمعت عبارة الجواهر المتقدمة الصريحة في الجواز، ومستند القول بالجواز بعد الأصل السيرة ومغالبة الحسن والحسين (() بمحضر من النبي (()(3)، كما سمعت ذلك من الجواهر، والأقوى التحريم، وهو المنسوب إلى الأكثر في المحكي عن الرياض(4)، بل عن جماعة حكاية الإجماع، وفي محكي عبارة التذكرة (لا تجوز المسابقة على المصارعة (لا) بعوض ولا بغير عوض عند علمائنا أجمع؛ لعموم النهي إلا في الثلاثة : (الخف، والحافر، والنصل)(5)، وفي محكي عبارة التذكرة أيضاً في مقام آخر (لا تجوز المسابقة على رمي الحجارة باليد والمقلاع والمنجنيق سواء كان بعوض أو غير عوض عند علمائنا)(6)، وفي محكيها أيضا في مقام آخر (لا يجوز المسابقة على المراكب والسفن والطيارات و(الزبازب) عند علمائنا)(7)، وقال في محكي عبائر التذكرة أيضاً (لا تجوز المسابقة على مناطحة الغنم ومهارشة الديك (لا) بعوض ولا بغير عوض)(8)، قال (وكذا لا يجوز المسابقة على ما لا ينفع في الحرب)، وعد في ما مثّل به اللعب (بالخاتم والصولجان ورمي البنادق والجلاهق والوقوف على رجل واحدة ومعرفة ما في اليد من الزوج والفرد وسائر الملاعب، وكذا اللبث في الماء)(1)، قال: (وجوّزه بعض الشافعية، وليس بجيد)(2)، انتهى.