احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص164
وأما المقام الثاني: وهو الكلام في موضوعه، ففي الجواهر، (قيل: إن أصل القمار الرهن على اللعب بشيء من الآلة، كما هو ظاهر القاموس والنهاية(5)، أو صريحهما وصريح مجمع البحرين(6))(7).
نعم، عن ظاهر الصحاح(8)، والمصباح المنير(9)، وكذلك التكملة والذيل أنه قد يطلق على اللعب بها مطلقا مع الرهن ودونه، وقال بعض المتأخرين (وهو بكسر القاف – كما عن بعض أهل اللغة – الرهن على اللعب بشيء من الآلات المعروفة، وحكي عن جماعة أنه قد يطلق على اللعب بهذه الأشياء مطلقا ولو من دون رهن وبه صرح في جامع المقاصد(10)، وعن بعض:أن أصل المقامرة المغالبة )(11)، انتهى.
وعلى كل حال فلا شك ولا إشكال في حرمة اللعب بآلات القمار المعروفة مع الرهن، لأنه من موضوع القمار يقيناً.
فكل ما دل على حرمة القمار يدل على حرمته من إجماع وكتاب وسنة، كما سمعت، بل لا إشكال في حرمة العوض المأخوذ بذلك، لأنه من الباطل كما صرحت بذلك جماعة من الأخبار المتقدمة، ولا كلام في حرمة المال المأخوذ بالباطل كما هو مدلول الآية، ولما في خبر عبد الحميد من أن أبا الحسن (() قد تقيأه(1).
والظاهر أن المنشأ في حرمته وإن كان الاستدلال بذلك لا يخلو من نوع تأمل، ولما في خبر السكوني من النهي عن أكل ما يجيء به الصبيان من القمار، وقوله (() فيه (وهو سحت)(2)، ولما في خبر إسحاق بن عمار من قوله ((): (لا تأكل فإنه حرام)(3)، إلى غير ذلك من الأخبار القاضية بذلك، المعتضد ما فيها من القصور سنداً ودلالة بالإجماع، فحرمة اللعب بالآلات المعروفة للقمار مع الرهن وحرمة المال المأخوذ بذلك مما لا كلام ولا إشكال فيها، وإنما الإشكال في حرمة اللعب بآلات القمار المعروفة بدون الرهن لما سمعت من أخذ الرهن في مفهوم القمار، فصدْقُ القمار على ذلك محل نظر، وقصارى ما في كلام أهل اللغة وبعض أساطين الأصحاب أنه قد يطلق على اللعب بهذه الأشياء مطلقاً مع الرهن وبدونه(4)، والإطلاق أعم من الحقيقة، فلا يوجب الإطلاق المذكور إجراء أحكام المطلقات في الأخبار عليه حتى لو بني على أصالة الحقيقة في الإطلاق والاستعمال، لما هو المعلوم من انصراف المطلقات إلى الفرد الغالب المتعارف، ولا شك أن الفرد الغالب المتعارف للقمار هو اللعب بتلك الآلات مع الرهن.