پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص159

وكيف كان فالظاهر أن الكهانة هي اتباع بعض الجان بالتسبيب فلو فُرض اتباع الجان وإخباره بذلك من دون تسبيب فالظاهر أن ذلك ليس من الكهانة بل هو خارج عنها موضوعا، ولا فرق في الكهانة بين أن يكون الإخبار عن الغائبات على طريق البت أو على طريق التفؤّل، كما لا يخفى على من تأمل في كلام أهل اللغة.

فما في محكي المفاتيح – حيث قال فيه (من المعاصي المنصوص عليها الإخبار عن الغائبات على البت لغير نبي أو وصي، سواء كان بالتنجيم أو الكهانة أو القيافة أو غير ذلك – إلى أن قال – وإن كان الإخبار على سبيل التفاؤل من دون جزم فالظاهر جوازه؛ لأن أصل هذه العلوم حق، ولكن الإحاطة بها لا يتيسر لكل أحد، والحكم بها لا يوافق المصلحة) – لا يخلو من نوع تأمل وإن أمكن أن يريد بأن إطلاق الأخبار ظاهر في البت دون الظن والتخمين، والحاصل: هذا إذا كان المستند في الأخبار المذكورة ما ذكرناه، وأما لو كان المستند بعض العلوم النبوية كالجفر والجامعة ونحوه فالظاهر أنه مما لا إشكال فيه وإن قال بعض أصحابنا (ينبغي التخفي به وعدم إظهاره؛ لأنه ربما يكون مثارا لقلة اعتقاد عوام الناس بالمعجزات، فيلزم من ذلك فتح باب على النبوّات)(1)، هذا كله في عمل الكهانة، ومتى حرم عملها حرُم أخذ الأجرة عليها جزماً، لما مر غير مرة من أن الله (إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه)(2)، وغير ذلك.

أما تعلّمها وتعليمها، فإن كان للعمل فلا كلام في حرمتها، ولعله على ذلك يُنزّل ما في محكي عبارة إيضاح النافع (إن تعليمها وتعلّمها واستعمالها حرام في شرع
الإسلام) وعلى أن التعلّم والتعليم بالعمل لا بغيره، وهو محرم أيضا بلا كلام، وأما تنزيل عبارة الإيضاح على العمل فهو خلاف الظاهر من جهة اشتمال العبارة على الاستعمال المشعر بإرادة غير العمل من التعلّم والتعليم، وإن لم يكونا للعمل فالظاهر عدم حرمتهما حيث يكونا لغير العمل، للأصل وانصراف الأدلة إلى العمل، ولا فرق في حرمة الكهانة وحرمة التكسب بها بين نسبة الإخبار إلى الجن وعدمه والله أعلم.

ومن جملة ما يحرم التكسب به
((القيافة))
وهي كما عن القاموس(1)، والصحاح(2)، والمصباح المنير(3): معرفة الآثار، والقائف الذي يعرف الآثار وعن النهاية(4)، ومجمع البحرين(5) زيادة أنه (يعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه)، وفي المسالك أنها (الاستناد إلى علامات ومقادير يترتب عليها إلحاق بعض الناس ببعض)(6)، وكيف كان فإن حصل الجزم بها وترتّب عليها محرم حرُمت وإلا كانت مكروهة.