پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص153

هذا وعن المنتهى (إن ما يقال من العزم على المصروع، ويزعم أنه يجمع الجن فيأمرها لتطيعه (فلا يدخل تحت هذا الحكم) فهو عندي باطل لا حقيقة له، وإنما هو من الخرافات)(2)، وعن المسالك أن الاستخدام من الكهانة وأنها غير السحر، قريبة منه(3)، وفسره في الإيضاح (بأنه استحداث الخوارق إما بمجرد التأثيرات النفسانية، وهو السحر، أو بالاستعانة بالفلكيات فقط، وهو دعوة الكواكب وتمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضية، وهي الطلّسمات، أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة، وهي العزائم، ويدخل فيها النيرنجيات، والكل حرام في شريعة الإسلام، ومستحلّه كافر)(4)، وتبعه على هذا التفسير في التنقيح(5)، وهذا التفسير أعم من التفاسير الأُوَل؛ لأنه لا يعتبر فيه مسحور فضلا عن الإضرار به، ثم قال في الإيضاح (أما ما كان على سبيل الاستعانة بخواص الأجسام السفلية فهو علم الخواص، أو الاستعانة بالنسب الرياضية فهو علم الحيل وجر الأثقال، وهذان ليسا من السحر)(6)، وفسره في التنقيح بأنه عمل يستفاد منه ملكة نفسانية يُقتدر بها على أفعال غريبة بأسباب خفية(1)، وهذا التعريف أعم من سابقه باعتبار اشتماله على علم الخواص وعلم الحيل.

إلى غير ذلك من الاختلاف الشديد في كلامهم، فينبغي الرجوع فيه إلى المعنى الشرعي أو المتشرّعي وهو الذي نقلناه عن العلامة المجلسي(2)، والإمام الرازي(3)، كما سمعت، وعدم التعويل على غير ذلك، ولعل الأصحاب إنما تعرضوا للفرد الظاهر منه، فإن أمكن إرجاع كلا مهم إلى ما ذكرناه فلا كلام، وإلا فلا ينبغي التعويل عليه والرجوع إليه.

قال في شرح القواعد للشيخ (() حيث قال: (فالظاهر أنه لا يُرجع بعد هذا الاختلاف الشديد بحسب التحديد إلا إلى العرف العام على نحو ما مر في الغناء من الكلام، ومحصوله أنه عبارة عن إيجاد شيء تُرتّب عليه آثار غريبة وأحوال عجيبة بالنسبة إلى العادات بحيث تشبه الكرامات، وتُوهِم أنها من المعاجز المثبتة للنبوات من غير استناد إلى الشرعيات بحروز أو أسماء أو دعوات ونحوها من المأثورات، وأما ما أُخذ من الشرع كالعُوَذ والهياكل وبعض الطلّسمات فليست منه، بل هي بعيدة عنه، وكأنّ غرض الشارع المنع من التدليس والتلبيس في الأسباب على نحو منعه من التدليس في المسببات، وأن حدوث الأفعال من غير سبب بيِّن مخصوص برب العالمين)(4)، انتهى.

وفيه إن الرجوع إلى العرف العام إنما يكون مع فقْد المعنى الشرعي أو المتشرّعي، وأما مع ثبوت أحدهما فدعوى الرجوع إلى العرف العام ممنوعة، كما هو محرّر مقرّر في محله، وأما ما أشكله عليه بعض تلامذته من أنه لا يَرجع إلى محصّل، وأين العرف العام وتمييز جميع أقسام السحر الذي هو علم عظيم طويل الذكر كثير الشُّعب لا يعرفه إلا الماهرون فيه، وليس مطلق الأمر الغريب سحراً؛ فإن كثيرا من العلوم ــ كعلم الهيأة والجفر والزراجية، وهو أسرار الجفر وغيرها ــ يظهر من العالم بها بعض الآثار العجيبة الغريبة، ويكفيك ما يصنعه الإفرنج في هذه الأزمنة من الغرائب، وليست هي من السحر الحرام قطعا(1)، ففيه ما لا يخفى على المتأمل؛ ضرورة أن لهذا اللفظ في العرف العام معنى قطعا، فلفظه الوارد في النصوص يُحمل على ذلك المعنى، وما لا يعرفه العرف العام منه يبقى على أصل الإباحة والحِل، وليت شعري أترى أن الشيخ (() ادّعى (أن)(2) أهل العرف يعرفون جميع أقسام السحر حتى يُردّ عليه بما سمعت؟.