پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص149

والحاصل أن التعلّم والتعليم لأنْ يكون عالما أو لتحذير نفسه وغيره من الوقوع في البلية من الأمور الراجحة، بل علم السحر لا يخلو منه الأنبياء، وأرباب المكاشفات من العلماء، بل ويدل على ذلك – مضافاً إلى ما ذكرناه من أن الأصلَ وحسن العلم في ذاته – نقلُ قصة الملَكين المعلّمَين(7) في القرآن(8) فإن ذلك دليل على حلّية التعلّم والتعليم، أما دلالتها على حلّية التعليم فواضحة، وأما دلالتها على حلّية التعلّم فلأنه لو لم يكن حلالاً لكان ذلك من الإعانة على الإثم.

فإن قلت: إنهما يعلّمان من يعمل، فيكون من الإعانة على الإثم، قلت: عدم قصدهما الإعانة يدفع إشكال حرمتها، أو أنهما يعلمان العلم دون العمل، والعلم لا يستلزم معرفة العمل، أو أن ذلك جائز لهما بالخصوص لكون نزولهما فتنة وابتلاء، وجميع ما ورد من لفظ الساحر والسحر والسحرة في الأدلة يراد به العملة، بل الظاهر أنه منصرف للعملة، وما ورد في الأخبار من تحريم التعلّم، وإن حد المتعلم القتل يراد به التعلم بقصد العمل أو مع العمل؛ إذ القتل من حدود العامل دون العالم، مع أن الظاهر انصراف التعلّم إلى النحو المألوف من إرادة العمل.

قال بعض تلامذة جدي المرحوم: (يظهر من الأستاذ العلامة في شرحه جواز تعلم السحر لا للعمل، بل لمجرد المعرفة والترفّع عن حضيض الجهل مع اعترافه بحرمة عمل السحر ذاتاً، وهو كالمستعرض في المقام؛ فإن تحريم العمل ذاتا يقتضي تحريم تعلّمه كذلك، على نحو تعلّم علم القمار وعلم الغناء، بل العقل حاكم بقبح تعلّمها من غير ضرورة إليه، مع أن إطلاق ما دل على تحريم تعلّمها وتعليمها متناول لما إذا كان بقصد العمل و بدونه، ودعوى انصرافه إلى ما كان بقصد العمل في حيّز المنع)، انتهى.

وفيه ما لا يخفى؛ لأن حرمة العمل ذاتا لا تقتضي سوى تحريم التعلّم للعمل، على أن ما ادّعاه من حرمة تعليم علم القمار والغناء في حيّز المنع، ودعوى قبح التعلّم عقلا ممنوعة، بل التعلّم للعلم حسن كما عرفت، وأما انصراف الإطلاقات إلى التعلّم للعمل فمما لا كلام فيه كما عرفت، وما يظهر من بعض أصحابنا من أن عمله مستلزم للمحرم من الكفر ونحوه ممنوعة أشد المنع.