پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص142

ثانيها: لم أرَ من أصحابنا من تعرض لحكم النظر إلى الإشارة والكتابة وحكاية الأفعال لو عممنا الغيبة لها وأنها بحكم الاستماع أو لا ؟ وتُبنى المسألة على أن حرمة الاستماع تعبّدية أو أنها لهتك حرمة المؤمن، فعلى الأول لا يعم الحكم ما ذكرناه بل هو باق على أصالة الجواز والاباحة، وعلى الثاني يعم الحكم ما ذكرناه من النظر إلى تلك الأمور، ويكون الاستماع في الأخبار كناية عن الاطلاع على عورة المؤمن، وعلى التقديرين يلزم النهي عن هذه الأفعال لأنها محرمة، ولزوم النهي عنها لا يستلزم حرمة النظر إليها.

ثالثها: الظاهر أن حرمة الاستماع مخصوصة بالغيبة المحرمة، وأما المحللة فمنها ما يجوز استماعها جزما كالتظلّم والاستفتاء، وكذلك لو كان الفاسق متجاهراً بالفسق عند المتكلم والسامع، أما لو كان متجاهراً عند المتكلم دون السامع ففي جواز استماع غيبته وجهان، يمكن القول بحرمة الاستماع هنا وإن جاز للمتكلم التكلم؛ لأن الأخبار جعلت السامع أحد المغتابين، فكما يحرم على المتكلم الغيبة ــ إلا إذا كان متجاهراً عنده ــ فكذا يحرم على السامع الاستماع ــ إلا إذا كان متجاهراً عنده ــ لأن السامع بحكم المتكلم كما هو صريح قوله ((): (أحد المغتابين) ويمكن القول بالجواز؛ لأنه قول غير منكر فلا بأس باستماعه، ولأصالة الإباحة، ولأن معنى قوله ((): (المستمع أحد المغتابين)، أن المستمع لغيبته كقائلها، فكما أن قائلها ليس بعاص فمستمعها كذلك، فتكون الأخبار المتقدمة دليلا على الجواز.

نعم، لو كان معنى الأخبار ألا تسمع لغيبة كما لو تكلم بها، فإن جاز له التكلم بها جاز له استماعها، وإن حرم عليه التكلم بما حرم عليه استماعها كانت الأخبار دليلا على التحريم، لكن هذا خلاف ظاهر الرواية على تقدير قراءتها (مغتابَينِ) بصيغة التثنية، نعم لو قرأناها (مغتابِينَ) بصيغة الجمع كان الخبر ظاهرا في الثاني.

ولو قلنا بجواز استماع ما يحل للمتكلم التكلم به من الغيبة، فهل يجوز استماع ما يشك السامع في حلّيته للمتكلم أو لا؟، وجهان ينشآن من حمل فعل المسلم وقوله على الصحة، ومن إطلاق دليل حرمة الاستماع.