پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص131

أقول: وفي جميع ما ذكر نظر واضح، أما دعوى عموم الآية والأخبار فواضح المنع؛ لأن صدر الآية الشريفة [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا](6)، والمؤمن هو المؤمن الاثني عشري بالاصطلاح، ودعوى أن هذا الاصطلاح حدث بعد نزول الآية مما لا وجه له؛ لأن المؤمن حين نزول الآية هو مَن كان مِن الفرقة الناجية، والفرقة الناجية الاثني عشرية قطعا، على أن آخر الآية [أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا](7)، ولا أخوة بين المؤمن والمخالف.

كيف ومن المعلوم أن الله تعالى عقد الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ](8)، وكيف يُتَصوّر الأخوة بين المؤمن والمخالف بعد تواتر الروايات وتضافر الآيات في وجوب معاداتهم والبراءة منهم، بل هم أعداء الله، فكيف يكونون للمؤمنين إخوة ؟، ففي الخبر المذكور في معاني الأخبار أن النبي (()أشار إلى علي (() وقال: (ولي هذا ولي الله فوالِه، وعدو هذا عدو الله فعادِه)(9)، وأما الأخبار فما ورد منها بلفظ الناس والمسلم يجب تقييده بما ورد بلفظ المؤمن كما عرفت ذلك، وأما قوله: (كما لا يجوز أخذ ماله وقتله لا يجوز تناول عرضه)(1)، ففيه أن تحريم الأوليين لعله للإجماع، فقياس العرض عليها مما لا وجه له.

ألا ترى أن الكافر لو دفع الجزية حرم ماله مع جواز غيبته.

ولعلنا نقول بحليتهما عند الأمن وعدم التقية جريا على الأخبار الدالة على كفرهم والأخبار الدالة على أخذ مال الناصب وهي كثيرة، وقد فُسّر الناصب في جملة من الأخبار بمن قدّم الجبت والطاغوت ومن نصب للشيعة.

فنقول حيثما أطلق الناصب في الأخبار يراد منه المخالف غير المستضعف، ولعله على ذلك(2)، الخاجة نصير الدين وآية الله في العالم حيث فعلوا ما فعلوا في سلطنة الشاه إسماعيل، وأما ما حكاه عن الشهيد في قواعده فلم نعثر منه إلا على قول الشهيد في ما استثناه (أن يكون المقول فيه مستحقا لذلك لتظاهره بسبه كالكافر والفاسق المتظاهر ليذكره بما هو فيه لا بغيره)، وقال في مقام آخر (الخامس: ذكر المبتدعة وتصانيفهم الفاسدة وآرائهم المضلة وليقتصر على ذلك)، وهو كما ترى لا دلالة فيه على ما ادّعاه (() لاحتمال أن يراد بالفاسق في العبارة الأولى الموالي من الفسقة وأن يراد بالمبتدعة فرق الشيعة بالعبارة الثانية.

وكيف ما كان فجواز غيبتهم أوضح من أن يذكر، هذا مع أن الخطابات القرآنية خاصة بالمشافهين ولا تتعدى إلى الغائبين إلا بدليل وهو في الغالب الإجماع ولا إجماع على الشركة إلا مع اتحاد الوصف، ولا ريب في تغايره فلا شركة، فيرجع في حكم غيبتهم إلى الأصل بعد فرض عدم دلالة الأخبار على الجواز.