پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص126

قلت: قد صرح بذلك غيره أيضاً، ويؤيده ما روي عن عائشة (أنها قالت: دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأتُ بيدي أي: قصيرة، فقال (() اغتبتِها)(2)، بل المعلوم أن حرمتها بالقول باعتبار إفادته السامع ما ينقصه ويعيبه، وتفهيمه ذلك، وحينئذ فيعم الحكم كل ما يفيد ذلك من الكتابة التي هي أحد اللسانين، والحكاية التي هي أبلغ في التفهيم من القول والتعريض والتلويح وغيرها، بل لعل التعريف الأول أيضا كذلك؛ ضرورة إرادة الأعم من القول بالذكر؛ إذ دعوى أنه بمعنى القول واضحة المنع(3)، انتهى.

وهو كما ترى إن أراد شمول الغيبة لذلك اسماً، لغة أو عرفاً، كما يقضي بذلك قوله (بل لعل التعريف الأول) كما أن منع انسباق (القول) من الذكر مما يرده الرجوع إلى العرف، وإن أراد شمولها لذلك حكما كما يقضي بذلك قوله: (بل المعلوم)، فهو مما لا بأس به كما عرفت، ويستفاد من كلام أهل اللغة أيضا اعتبار وجود العيب في المغتاب في صدق الغيبة، فإن كان العيب المذكور في المغتاب كان غيبة، وإن لم يكن فيه كان بهتاناً.

أقول: المفهوم من إطلاق الغيبة عرفا خلاف ذلك، بل هي عرفا ذكر العيب مع وجوده في المغتاب وعدمه، و لا ينافي ذلك ما في خبر مكارم الأخلاق المتقدم(1)، وما روي أيضاً عنه ((): (أنه ذكر عنده رجل فقالوا: ما أعجزه! فقال((): اغتبتم صاحبكم، قالوا: يا رسول الله (() قلنا ما فيه، قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتّموه)(2)، لاحتمال أن يكون المراد من الخبرين أنكم إن قلتم ما فيه فقد اغتبتموه فقط، وإن قلتم ما ليس فيه فقد بهتّموه مع غيبته.

وكيف كان فالظاهر أن العرف أعم من اللغة في ذلك، ويستفاد من كلام جمع من أهل اللغة اعتبار غَيبة المغتاب في صدق الغيبة، بل هو صريح الصحاح ومجمع البحرين ونهاية ابن الأثير(3)، وهو المنساق من إطلاق الغيبة عرفا والمناسب للفظها، ولم يعتبر ذلك في القاموس والمصباح المنير(4)، كما سمعت المحكي في عبارتهما، ولعل إطلاقهما منزّل على ذلك، إما إحالة على العرف أو لكونه المفهوم من لفظها.

وكيف كان فذكر العيب مع الحضور ليس من الغيبة لغة وعرفاً وإن شارك الغيبة في التحريم بل أشد منها تحريما، ويستفاد من كلام بعض أهل اللغة كالمصباح المنير والصحاح ومجمع البحرين(5)، اعتبار كراهة المغتاب لو سمع ذلك في صدق الغيبة.