پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص117

كما أن بعض المتأخرين من أصحابنا قال: (إن الحديث لا يقتضي جواز الهجاء بعد فرض اختصاصه بالشعر)(5)؛ ضرورة أن اختصاصه بالشعر صيّره أخص مطلقا، وما يدل على جواز الأعم يدل على جواز الأخص كما لا يخفى، فلا بد من تنزيل الحديث على خصوص المتجاهر، والقول بجواز هجوه أو تنزيله على الخارج عن الإيمان كما حمله على ذلك بعض المعاصرين، قال بعض المتأخرين ( ودعوى- كون التعارض من وجه بناءا على أن الهجاء أعم من الغيبة بعد فرض تسليمها- يمكن دفعها بترجيح دليل الحرمة باعتضاده بما عرفت)(6).

يريد أنا لو قلنا أن الهجاء هو وصف الإنسان بما ينقصه في الشعر سواء كانت الصفات فيه أو لا، والغيبة هي وصفه بما هو فيه في الشعر وفي غيره يكون التعارض بين ما دل على جواز الغيبة وما دل على حرمة الهجو عموم من وجه؛ لأن ما دل على جواز الغيبة يدل على جواز وصفه بما هو فيه في الشعر، وما دل على حرمة الهجو يدل على حرمة وصفه بما هو فيه في الشعر، ولكن ــ الترجيح لأدلة حرمة الهجو لإعتضادها بما دل على حرمة ظلم المؤمن وإيذائه وهتك حرمته وغير ذلك مما عرفت من الأدلة ــ أقوى، ودعوى أن الترجيح لدليل الحرمة مشكل بعد الالتفات إلى الأخبار المستفيضة التي أسقطت حرمة الفاسق المتجاهر بالفسق، كخبر هارون بن الجهم: (إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة)(1)، وقوله (() في رواية أبي البختريّ: (ثلاثة ليس لهم حرمة.

.

إلى أن قال: والفاسق المعلن بفسقه)(2)، وقوله (() في خبر ابن أبي يعفور بعد تعريف العدالة (إن الدليل على ذلك أن يكون ساتراً لعيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك)(3)، إلى غير ذلك من الأخبار التي ستمر عليك إن شاء الله، في مستثنيات الغيبة.

وبعد الالتفات إليها يشكل القول بترجيح دليل الحرمة.

وكيف كان فإن لم ينعقد الإجماع على حرمة هجو الفاسق المتجاهر بالفسق، فالقول بجواز هجوه لا يخلو من وجه.

وأما هجو الفاسق غير المتجاهر فالظاهر جوازه إذا توقف ردع الفاسق عن فسقه عليه، بل يمكن القول بوجوبه لدخوله في مراتب النهي عن المنكر، كما قد يجب لو توقف عليه دفع الضرر عن الهاجي أو المهجو بدنا أو مالاً أو عرضاً.

قال جدي (() في شرح القواعد (ولو كان لمصلحة عظيمة أو دفع مفسدة عن المهجو دنيوية كدفع الهلكة عن نفسه، أو المؤاخذة بعد الحلول في رمسه، بالنهي عن الفساد حسن ولو بالهجو على رؤوس الأشهاد)(4)، أقول: المنشأ في ذلك تحكيم أدلة النهي عن المنكر على أدلة حرمة الهجو، وهو على إطلاقه مشكل، خصـوصاً بالـنسبة إلـى بـعض الـمحرمات، فينبغي

(1) المصدر نفسه، 12 / 170.

(1) العلامة المجلسي، بحار الأنوار.

(2) البيهقي، السنن الكبرى، 6 / 95.