پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص110

ومن جملة ما يحرم التكسب به حفظ كتب الضلال الثابت ضلالها بقاطع أو بدليل ظني لا يعذر صاحبه لحرمته، والمراد من حرمة الحفظ وجوب الإتلاف كما صرح به جمع من الأصحاب، وهو إما من جهة استلزام حرمة الحفظ لوجوب الإتلاف أو أنه كناية عنه.

ويدل على حرمة الحفظ بعد حكم العقل بوجوب إتلاف كل ما يكون مثاراً للفساد، ففي الخلاف ممن لا خلاف في الاعتماد عليه وهو العلامة في التذكرة والمنتهى(2)، وقال في محكي المقنعة (والتكسب بحفظ كتب الضلال وكتبه (على غير ما ذكرنا) حرام)(3)، فقد اتفقت الفتاوى على تحريم نسخها وحفظها إلا ما استثني، فكان الإجماع معلوما إذ لا مخالف ولا متردد، وحيث كانت داخلة تحت الوضع للحرام وتحت ما من شأنه ترتب الفساد عليه وجب إتلافها، كما يجب إتلاف هياكل العبادة المبتدعة بل هي أولى من هياكل العبادة في لزوم الإتلاف، بل يمكن استفادة حرمة حفظها من قوله تعالى: [وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ](1) ومن قوله تعالى: [وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ](2).

بل يمكن استفادة ذلك مما دل على وجوب جهاد أهل الضلال وإضعافهم بكل ما يمكن، ضرورة معلومية كون المراد من ذلك تدمير مذهبهم بتدمير أهله، فبالأولى تدمير ما يقتضي قوته، قال في مفتاح الكرامة ( مضافاً إلى أنها بدعة، فيجب دفعها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويؤيد ذلك أن في ذلك نوع إعانة على الإثم، فقد يحصل منه ميل إليها فيعمل بها، وقد ينبئ حفظها عن الرضا بها والاعتقاد بما فيها)(3)، ويدل عليه أيضا مواضع من خبر تحف العقول، منها قوله ((): (وكل منهي عنه مما يُتقرَب به لغير الله، أو يقوى به الكفر إلا في حال الضرورة)(4)، ومنها قوله ((): (وذلك إنما حرَم الصناعة التي هي حرام كلها التي يجيء منها الفساد محضاً)(5)، ومنها قوله ((): (وما يكون منه وفيه الفساد ولا يكون فيه شيء من وجوه الصلاح فحرام تعليمه وتعلَمه والعمل به وأخذ الأجر عليه وجميع التقلَب من جميع وجوه الحركات كلها)(6).

أو ربما استدل بعض أصحابنا المتأخرين بظاهر قوله (() في خبر الحذّاء: (من علَم باب ضلال كان عليه مثل وزر من عمل به)(1)، وهو كما ترى.