پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص108

وأما الأخبار المانعة، فمنها خبر الزعفراني عن أبي عبد الله (() قال: (من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفر، ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفر)(1)، وخبر الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد (() عن آبائه (() عن النبي (() في حديث المناهي: (أنه نهى عن الرنة عند المصيبة، ونهى عن النياحة والاستماع إليها، ونهى عن تصفيق الوجه)(2)، وخبر عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي عن أبيه عن جعفر بن محمد (() عن آبائه عن علي (() قال: (قال رسول الله((): أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة: الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستقاء بالنجوم والنياحة، وإن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من حرب)(3)، ويشهد لهذا الجمع ما روي عن محمد بن علي بن الحسين (()أنه قال: (لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً)(4)، وحديث خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين (() قالت: (سمعت عمي محمد بن علي (() يقول: إنما تحتاج المرأة إلى النوح لتسيل دمعتها، و لا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح)(5).

ويمكن القول بكراهة النوح مطلقا لما رواه علي بن جعفر عن أخيه (() قال: (سألته عن النوح فكرهه)(6)، ويمكن تخصيص الكراهة بخصوص المشارطة كخبر حنَان بن سدير، قال (كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي، فقالت: يا عم أنت تعلم أن معيشتي من الله ثم من هذه الجارية، فأحب أن تسأل أبا عبد الله (() عن ذلك، فإن كان حلالاً وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله بالفرج، فقال لها أبي: والله إني لأعظم أبا عبد الله (() أن أسأله عن هذه المسألة، فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك، فقال أبو عبد الله (() : أتشارط؟ قلت والله ما أدري أتشارط أم لا، فقال: قل لها لا تشارط وتقبل ما أعطيت)(1)، ويمكن تخصيص الكراهة بالليل للخبر المتقدم.

والمراد من النوح بالباطل هو القول الكاذب كما دل عليه مفهوم الخبر المتقدم، أو الهجر كما اشتمل عليه الخبر الآخر، والهجر بالضم الإفحاش والخنا كما عن الصحاح(2)، فيكون النوح بالباطل عبارة عن وصفه بما لم يكن فيه، أو بما كان فيه من الأوصاف القبيحة والأفعال المذمومة شرعاً كذكره بالتهتك بالمحرمات كنهب أموال الناس والزنا واللواط وقتل النفوس ونحو ذلك.

والظاهر أن المبالغة ليست منه، وعن جامع المقاصد أنه يدخل فيه أو يلحق به ما لو سمع صوتها الأجانب(3)، وهو غريب، إذ ليس ذلك من النوح بالباطل جزماً، وعلى تقدير الحرمة فهي إنما نشأت من أمر آخر لا من النوح بالباطل، على أن حرمة ذلك مبنية على حرمة سماع الأجانب صوتها من غير ريبة، وهو ممكن المنع خصوصاً مع عدم تمييز الألفاظ، وهو مدلول الخبر المتقدم، وهي وصية الباقر
(() لجعفر بوقف شيء لنوادب يندبنه في منى أيام منى(1) وإلا فدعوى حلَية سماع الأجانب صوت النائحة مطلقاً حتى مع الريبة وحتى مع تمييز الألفاظ في محل المنع، لأن أيام منى من المعلوم كثرة الناس واختلاف الأصوات والغوغاء فيها، فدعوى أن صوت النائحة تُميَز الفاظه ممنوعة، كما أن حصول الريبة في صوت النائحة في تلك الأيام من جهة المشغولية والتوجه لأمر الآخرة مشكل فتبصَر.