احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص101
نعم ينبغي الاقتصار على المغنية دون المغني مضافاً الى ما مر، ودلالة الاخبار على جواز أخذ الاجرة عليه كافية في الدلالة على جوازه لتحريمه أعواض المحرمات المستفاد من الادلة السابقة.
وكيف كان فحيث عرفت في ما سبق ان موضوع الغناء موكول الى العرف فاعلم ان خطاب كل وقت محمول على عرفه، ونحن مكلفون بما دل عليه الخطاب عند زمن الصدور وبما فهمه المشافهون منه لاشتراكنا معهم في ما كلفوا به، ولم يكلفوا إلا بما فهموه من الخطابات حين صدورها، فلو ثبت للفظ عرف جديد بعد زمن الصدور لم يكن عليه مدار، وكان المدار على عرف زمن الصدور، فلو ثبت في العرف الجديد تخصيص الغناء بما لم يكن في قرآن أو تعزية أو ذكر أو دعاء أو أذان أو مدح النبي (() أو الائمة (() لم يكن عليه مدار(1)؛ لان المعلوم من تتبّع كلمات اهل اللغة واصول الامويين والعباسيين وابراهيم شيخ المغنين ان الكثير أو الاكثر او الأحق في تسميته غناءً ما كان في القران ومدح النبي (() ولا يعرف في أيامهم الفرق من جهة ذوات الكلمات، وانما المدار على كيفيات الاصوات، وهو الظاهر من كلام اهل اللغة قدمائهم ومتأخريهم ممن عاصر زمن ورود النهي أو تقدمه او تأخر عنه، وما رأينا أحداً منهم أخذ قيد عدم القرآنية والمدح والذكر ونحوها فيه.
فقد ظهر خطأ العرف الجديد بالتخصيص، كما ظهر خطأ من بنى على ذلك أخذاً به زاعماً أنه بمنزلة المرآة الكاشفة عن العرف، كما أخطأ العرف ومن أخذ به بديهةً بتخصيص اسم الغناء غير الخارجي على وفق العربية والفصاحة كما قد يتخيله العوام، وليس ذلك بأول قارورة كسرت في الاسلام، فقد أخطأ العرف والاخذ به في كثير من المقامات، فلا يحمل لفظ الغناء على المعنى الجديد كما لا تحمل الفاظ التربة والقهوة واللبن والساعة على المعاني الجديدة المعروفة عند اهل الفن.