احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص100
اللهم إلا أن تُدّعى الملازمة بين جواز أخذ الاجر عليه وبين حلّيته كما أدعّى ذلك بعض اصحابنا بل ادّعى الضرورة عليه.
وكيف كان فالاخبار المذكورة قوية مجبورة بالشهرة المنقولة ظاهرة الدلالة وإن لم تكن نصاً في المطلوب.
فالقول بالجواز مما لا باس به، وعلى تقديره فيلزم الاقتصار على النكاح دون ملك اليمين، وفي اجراء الحكم على النكاح المنقطع وجه ليس بالبعيد.
واما الختان ونحوه من اسباب الفرح فلا يجري فيها الحكم جزما، بل يلزم في النكاح الاقتصار على المعتاد بل على الاقل منه.
كل ذلك اقتصاراً على القدر المتيقَّن في ما خالف دليل التحريم، ويظهر من جدي (() في شرح القواعد القول بالتحريم وعدم الالتفات الى الاخبار المذكورة، قال ((): (وقد ظهر مما مر أنه لا ينبغي صدور الاستثناء من أهل النظر، كيف لا وتحريم الغناء كتحريم الزنا واخباره متواترة وادلته متكاثرة عبّر عنه بقول الزور ولهو الحديث في القرآن، ونادت الاخبار بأنه المحرك على الفجور والعصيان، فكأن تحريمه من الامور العقلية التي لا تقبل تقييداً ولا تخصيصاً بالكلية، وكيف يخطر بالبال او يجري في الخيال ان يقع مثل هذا الكلام من سادات الانام الآمرين بترك الشبهات خوفاً من الوقوع بالمحرمات، مع انه مؤذن بجواز ما فيه معظم اللهو عن ذكر المعاد ومؤدًّ الى الزنا واللواط اللذين هما راس الفساد، على ان في ضعف دلالة (تلك) الاخبار ما يخرجها عن محل الاعتبار وموافقتها للتقية يرفع اعتبارها في مقابلة ما مرّ بالكلية، ولو كانت في غاية الكثرة ما عادلت.
فكيف مع انها في نهاية الندرة، ولو فرق بين الحق والباطل لرأيته في القسم الثاني بديهة، وربما كان قبحه في غير الاعراس اقل منه فيها، ثم (إن) القول بالتحريم هو المشهور على الظاهر؛ لان كل من حرم الغناء ولم يستثنِ فهو من المحرّمين، وحاله كحال المصرحين، وهم عدد كثير من الفحول والاساطين، لكنه بعيد عن طريقة المخالفين والمتصوفين )(1) انتهى.
وفيه ما لا يخفى من منع كون تحريم الغناء من الامور العقلية؛ لان الشارع قد حلّل جملة من اسباب الطرب كتقبيل المحبوب وضمه والمسامرة معه وغير ذلك مما يفيد الانسان طرباً اشد من طرب الغناء، فليس تحريمه الا سمعياً، وقد عرفت ان دليل الجواز معتبر في نفسه ومجبور بالشهرة المنقولة كما سمعت، فلا محيص عن العمل به، لانه هو مقتضى قواعد الاطلاق والتقييد.