پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص99

ثالثها: الحداء استثناه المحقق والعلامة في القواعد(1) والشهيد في الدروس في باب الشهادات(2) وكأنه قال به الاردبيلي(3)، ونسب ذلك الى المشهور في محكي الكفاية(4)، وهو بالضم كدُعاء: مد الصوت على نحو مخصوص لسير الابل، ولا دليل على استثنائه سوى ما روي عن النبي (()انه قال: (زاد المسافر الحداء والشعر ما كان ليس فيه خنا)(5)، وما روي عنه (()ايضاً انه قال لعبد الله بن رواحة: (حرك بالنوق فاندفع يرتجز وكان جيد الحداء وكان مع الرجال، فتبعه أنجشة وكان مع النساء، فقال النبي (() لأنجشة: رويدك رفقا بالقوارير)(6) يعني النساء ويحتمل النوق لحرقة طبعها.

وليس فيها مع ضعف سند الاول وعامية الثاني دلالة الا على جواز الحداء، وكونه من الغناء أول الكلام بل قضية العرف تشهد بخلافه؛ لأن الظاهر انه قسيم للغناء، فيكون خارجا عن الموضوع لا عن الحكم، ولا كلام فيه.

وإلا بعد دخوله في الموضوع يشكل استثناؤه؛ لعدم وجود ما يدل على ذلك.

مع ان ما يدل على حرمة الغناء مطلقاً فوق حد الاحصاء كما عرفت.

وحينئذ أن لم يكن داخلا في الموضوع فلا كلام.

وإن استثنيناه – بعد دخوله فيه من الحكم فيلزم الاقتصار على خصوص الحداء لسير الابل دون غيرها من البغال والحمير ونحوها.

ولا حرج في أصوات الملاحين عند جرّ السفن ولا في اصوات الأمهات لنوم الاطفال ولا في الاصوات التي تكون من الالفاظ كالهلهولة ونحوها، ولا في الترديد المسمى بالحوارب.

كل ذلك لخروجه عن موضوع الغناء، فان دخل فيه كلا او بعضاً حرم كما لو دخل في عنوان آخر من العناوين المحرمة والله العالم.

رابعها: غناء المغنية في الأعراس اذا لم تتكلم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ولم تدخل عليها الرجال لورود الرخصة في اباحة اجرها المستلزم لاباحة غناها، كما التزم به جمع من اصحابنا، وفي اكثر كتب الاصحاب ذكر القيود الثلاثة، وعن النهاية(1) والمختلف(2) والنافع(3) اسقاط القيد الوسط، وكأنه لأن اللعب بالملاهي وإن كان محرماً لكنه لا يحرّم الغناء المحلل.

وكيف كان فالمنشأ في ذلك قول الصادق (() في صحيحة ابي بصير (اجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس، ليست بالتي تدخل عليها الرجال)(4)، وقوله (() في خبر ابي بصير (حين سأله عن كسب المغنيات التي تدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى الى الاعراس ليس به بأس)(5)، وقوله (() ايضاً: (المغنية التي تزف العرائس لا بأس بكسبها)(6)، وفيه ان الاخبار المذكورة ليست فيها دلالة على المدّعى؛ لانه (() نفى البأس عن كسب المغنية التي تزف العرائس وعن أجرها، ولا دلالة فيها على نفي الباس عن الاجر على الغناء، ولا على نفي البأس عن الاكتساب بالغناء، كما انه على تقدير دلالتها على ذلك لا يستلزم ذلك جواز غناءها في الأعراس.