احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص98
فان قلت: إن عموم المفرد المحلى مستفاد من الحكمة، وما كان كذلك يكون بحكم المطلق في الانصراف الى الأفراد المتعارفة، ومراثي الحسين (() ليست منها، قلت: بعد القول بتعلق الأحكام بالطبائع والماهيات يكون المفرد المحلى باللام مفيدا للعموم اللغوي، أما لأن للطبيعة علة لثبوت الحكم، وان ثبوت الحكم للماهية مستلزم لثبوت الحكم لافرادها،وان لم تكن علة فيكون تحريم الغناء كتحريم الزنا والربا والخمر وبيع الغرر وغيرها.
واما الثاني: وهو التعارض بين ما دل على تحريم الغناء وما دل على استحباب البكاء فقد عرفت في ما مر انه ليس من التعارض الذي يرجع فيه الى المرجحات، بل فهم اهل العرف تحكيم النواهي كاف في المقام كفهمهم تحكيم الخاص على العام والمطلق على المقيد.
على ان ما ورد في الاخبار من انه (ما اجتمع الحرام والحلال الا وغلب الحرام)(1)، وانه (لا يطاع الله من حيث يعصى)(2)، يكفي في ترجيح جانب النهي، الى غير ذلك مما مر مما يرجح جانب النهي، فراجع وتأمل.
واما الثالث: وهو خبر ابي هارون(3)، فلا دلالة فيه الا على أن الرقة في الرثاء مطلوبة وهو امر غير الغناء.
واما الرابع: وهو ادعاء السيرة على ذلك فهو في محل المنع، بل ربما يُدّعى ان سيرة العلماء الابرار على خلاف ذلك.
وما تراه – مما يستعمله بعض الاعاجم في الرثاء من الغناء فهو نظير استعمالهم تشبيه الرجال بالنساء في بعض التعازي – ليس ناشئاً عن عمل العارفين ولا عن سيرة المتدينين، واما ما ذكره مؤيدا من جواز النياحة واخذ الاجرة عليها فذلك لخروجها عن موضوع الغناء عرفاً.
واما الخامس: وهو كون تحريم الغناء للطرب، والمراثي لا طرب فيها فقد عرفت ما فيه حيث ان جمعا من اهل اللغة صرحوا بأن الطرب عبارة عن خفة تعتري الانسان لسرور او هم حتى ان بعضهم قال (تخصيصه بالسرور وهم)(4) هذا ان لم نقل بخروجه عن موضوع الغناء ودخوله في موضوع النياحة التي ستعرف جوازها.
وان قلنا بذلك فلا كلام.
وكيف كان فأن قلنا بجوازه في المراثي، فأن كان المنشأ عدم وجود ما يدل على العموم والرجوع الى الاصل او عدم وجود الطرب فيها، والغناء ما كان غير ذلك، فلا ينبغي الاقتصار على مراثي الحسين (()، وأن كان المنشأ بقية ما سمعت من الادلة فالاقتصار على مراثي الحسين (() لازم، لمخالفة الحكم للعمومات، فيقتصر فيه على مورد المخصص.