احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص97
هذا مع ان في خبر النوفلي عن أبي الحسن (()أن رسول الله (() قال: (اقرأوا القران بالحان العرب واصواتها وأياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فانه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم)(1)، وفي ما رواه أبن عباس عن النبي (() أنه قال: (من أشراط الساعة أضاعة الصلوات وأتباع الشهوات والميل الى الأهواء – الى أن قال – فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله وتكثر أولاد الزنا ويتغنون بالقرآن)(2) الحديث.
وقد ورد في بعض الاخبار أنه متى حصل الأشتباه لشخص في أمر خيل في نفسه الحق والباطل ورأى أنه (إلى) أي الأمرين أقرب فيلحقه به، ولا شك ان الغناء هو مثار الفساد وهو المحرك للشهوات الباعث على الزنا في الأجنبيات وعلى اللواط في الأولاد، قال جدي في شرح القواعد (وعلى كل حال فالذي يقع في نظري أن الغناء في باب الطاعات كقراءة القران أعظم من الغناء في غيرها في العصيان لزيادة الذنب الفظيع بأزدياد معصية التشريع)(3).
ثانيها: مراثي سيد الشهداء، فقد حكى في جامع المقاصد(4) عن بعضهم القول باباحته فيها، ومال اليه في مجمع البرهان(5) والكفاية(6)، وأعتمده بعض من تأخر من أصحابنا (()(1)، أستناداً الى الأصل لانتفاء ما يدل على تحريمه على سبيل العموم من الأخبار، والإجماع ممنوع في المقام، ولان البكاء والابكاء أمر مطلوب على سيد الشهداء فكثر التحريض عليه في الأخبار، حتى لو فرض وجود ما يدل على تحريم الغناء على سبيل العموم كان بينه وبين ما دل على أستحباب البكاء عموم من وجه، ومع فقد المرجحات يرجع الى الأصل وهو الاباحة، على أنه قد ورد عن الصادق (() انه قال لأبي هارون المكفوف: (أنشدني كما تنشدون أنتم – يعني بالرَّقة – وكما ترثيه عند قبره )(2)، ولانه – أي الغناء – في رثاء لحسين (() متعارف في بلاد المسلمين في زمن الشارع إلى زمان هذا من غير نكير، ويؤيد ذلك جواز النياحة وجواز أخذ الأجرة عليها؛ لأنها ملازمة للغناء على الظاهر، ولأن تحريم الغناء للطرب، والمراثي ليس فيها طرب وأنما هي لمطلق الحزن، والجميع كما ترى.
أما الأول: وهو ما يدل على تحريم الغناء على سبيل العموم فهو النصوص المتقدمة الدالة على تحريم الغناء بهذا اللفظ، وهو مفرد محلى باللام يفيد العموم.
وكذلك الإجماع منقول على تحريم الغناء وهو عام كما عرفت.