احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص94
فان قلت: هو وإن كان من الكيفيات الخاصة للفظ لكن لا مطلقا بل الكيفية الخاصة المتخذة للّهو وانشراح النفس والطرب كما عساه يومي اليه لهوُ الحديث، وأخْذ الطرب في تعريفه، ومعروفية مجالس الغناء بذلك، فهذه الكيفية وإن ساوت كيفية القراءة في القران أو نقصت عنها لكن هذه الكيفية غناء، وكيفية القراءة ليست غناء لاتخاذ هذه الكيفية للهو والطرب دون كيفية القراءة، ولعله يؤيد ذلك استثناء النوح منه وعدم ادخاله في موضوعه باعتبار عدم أتخاذه للهو والطرب.
والحاصل ان الكيفية الخاصة للفظ إن كانت متخذة للهو كان غناءاً عرفاً، والا فلا.
قلت: لا وجه لاخذ ذلك في حقيقة الغناء، بل أطلاق كلام أهل اللغة والفقهاء يرد ذلك، وتعارف أستعمال تلك الكيفية الخاصة في مجلس اللهو يصيّر ذلك مأخوذا في حقيقته ولا شك أن من الغناء والاصوات الشجية المثيرة للحزن والبكاء كما يستعمله العشاق غالبا، بل هو نوع من الطرب ولهذا قالوا في تفسير الطرب انه خفة لسرور أو حزن حتى أنه حكي عن القاموس التصريح بوهم(1) من خص ذلك بالسرور(2).
فان قلت: ان ذلك وان لم يكن مأخوذا في مطلق الموضوع لكنه مأخوذ في الموضوع الذي هو متعلق الحكم التحريمي لاشعار أدلة التحريم بذلك، قلت: قد سمعت في ما مر اطلاق الادلة المتكثرة التي كادت تكون متواترة، بل صرح بعض أصحابنا بتواترها بحرمة الغناء فلا وجه بعد للتقييد، ولو فرض في بعض الادلة اشعار بذلك فليس له قابلية تقييد ما مر من المطلقات فاللازم الحكم بتحريم مطلق الغناء.
ومن هنا ظهر لك فساد كلام بعض من عاصرناه من المتأخرين(3) حيث يظهر من كلامه ان المحرم هو ذلك، فان كان هو الغناء فلا كلام، وان كان الغناء أعم لزم تقييد المحرم بذلك، وان كان اخص لزم تعميم المحرم.
ثانيها: ما استند اليه بعضهم من أن بين ما دل على حرمة الغناء وما دل على أستحباب قراءة القران عموم وخصوص من وجه، وما دل على أستحباب القراءة أرجح من جهة موافقته للأصل.