احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص89
ولعله من هذه الحيثية ألحق الشهيدُ الثاني في الروضة ذلك بتعريف المشهور قوله: (او يسمى في العرف غناء)(1)، وتبعه في مجمع الفائدة(2) ومجمع البحرين(3) على ذلك لادخال ما لا يكون منه مطربا بالفعل.
وأنت خبير بأنّا إذا أردنا من الطرب الشأنية(4) فيكون معناه انه ما كان شأنه الاطراب وإن لم يكن مطربا بالفعل لوجود مانع، أغنانا ذلك عن الحاق ما ألحقوه لعدم انفكاك الغناء عرفا عن ذلك، كما أنه لعل الذي دعا هذا المتأخر الى حمل التطريب على التحسين والترجيع والمد كما سمعت ذلك فيما مرّ هو خياله أن المراد من المطرب ما كان مطربا بالفعل فمن هنا فرّ الى ذلك، وقد عرفت ما فيه.
وكيف كان فلا محيص عن الرجوع الى العرف الذي هو المرجع والمفزع في فهم المعاني من المباني وهو لا يكال بمكيال ولا يوزن بميزان، فقد تراه يرى تحقق الغناء في صوت خال عن الحسن والرقة مشتمل على الخشونة والغلظ، وفي خالِ عن المد مشتمل على التقطيع والتكسير، وفي خال عن الترجيع متصف بالخفاء، وفي مهيجّ للطرب بمعنى الخفة المقرونة بالانشراح واللذة، وفي مفرحٍ للفؤاد مهيج على البكاء للعشاق الى غير ذلك.
فليس للفقيه الماهر سوى الرجوع اليه والتعويل عليه، ولو فرض ثبوت معنى لغوي يغاير العرفي وجب الرجوع الى العرفي أيضاً.
المقام الثاني: في حكمه
وهو محرم لنفسه اجماعا محصلا ومنقولا نقلا متواتراً، والكتاب العزيز والسنة المتواترة شاهدان عليه، فالأدلة الثلاثة متفقة على تحريمه كما أن تعلمه وتعليمه بفعله لا بجنسه وفصله واستماعه مراعيا صفته أو لا، دون مجرد سماعه، وأخذُ الاجرة عليه محرٌم كذلك، وفي مفتاح الكرامة (وأما حكمه فلا خلاف – كما في مجمع البرهان(1)- في تحريمه وتحريم الاجرة عليه وتعلمه وتعليمه واستماعه سواءاً كان ذلك في قرآن أو دعاء أو شعر أو غيرهما)(2) بل ربما ادّعى بعض أصحابنا أنه من الضروريات وان حكمه عند الامامية حكم الزنا.