پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص86

قال في محكي القاموس (الغناء ككساء من الصوت ما طُرّب به)(1)، وعن النهاية (كل من رفع صوتاً ووالاه فصوته عند العرب غناء)(2)، ونقل في محكي النهاية عن الشافعي (انه تحسين الصوت وترقيقه)(3)، وعن بعض كتب اللغة أنه (ترجيع الصوت ومده)، وعن آخر (أنه مد الصوت)، وعن آخر (انه رفع الصوت)، وعن المصباح المنير أنه (الصوت)(4)، الى غير ذلك من كلمات أهل اللغة المختلفة في تفسيره غاية الأختلاف وليس الأختلاف في كلامهم مبنياً على التعارض حتى ينظر في التعادل ويرجح الأكثر أو الأبصر او على الجمع فيؤخذ بالجامع للصفات لأنه المتيقن والأصل جواز ما عداه، أو بالجميع عملا بقول المثبت فيما أثبته ورداً للنافي فيما نفاه، بل أنما قصدهم كما لا يخفى على من مارس كلامهم في بيانهم لمعاني الألفاظ الشائعة المشهورة الدوران حول العرف والإشارة اليه وبيان المعنى العام ليحترز عن أدخاله في جنس آخر كبيان أن الغناء من مقولة الأصوات وكيفياتها، كما أن غرضهم في قولهم: ( سعدانة نبت) بيان انها من مقولة النبات وانها من هذا الجنس لا من غيره، ولهذا ترى من عد للغناء معنيين: لغوي وعرفي قبل الشهيد (() ولا ترى بينهم معركة ونزاعاً مع أختلاف العبارات وتفاوت الكلمات بل ولا من نسب اليهم الخلاف في مفهومه مع كثرة ما أختلفوا فيه من القيود.

والسر في أختلاف كلماتهم هو أنه اذا تطابق العرف واللغة في لفظ قالوا أنه معروف أو أشاروا اليه إشارة كقولهم ( مد الصوت، رفع الصوت ) وذلك من أعظم الشواهد على أنهم يريدون المعنى العرفي، والا فكيف يصح لصاحب المصباح المنير أن يقتصر في تعريفة على أنه (الصوت) ولصاحب الصحاح أن يقتصر في تعريفه على أنه ( من السماع )(1)، ولأبن الأثير أن يقول ( كل من رفع ) الى آخره، اذ من خفض صوتاً ووالى كذلك.

فأن قلت: أن دأب اللغويين تمييز الصورة عما عداها فيكتفون بالتعاريف اللفظية كقولهم: ( سعدانة نبت ) فتعريفهم الغناء بذلك لا يدل على ارادة المعنى العرفي.

قلت: التعريف بالصوت والسماع خالٍ عن التمييز فلا مناص عن توجيه كلامهم بما ذكرناه، ومما يرشد الى ذلك ويشير اليه ما حكاه في مفتاح الكرامة عن الصحاح ( أنه أحاله على العرف )(2) قال (ولم يتعرض لمعنى آخر فيه الصغاني في كتابه الذي جعله تكملة للصحاح ومنه أخذ صاحب القاموس ما زاده على الصحاح، وايضاً لو كان هناك مخالفة لأشار اليها صاحب القاموس وغيره)(3)، وفي مجمع البحرين (والغناء ككساء، الصوت المشتمل على الترجيع المطرب أو ما يسمى بالعرف غناءً وان لم يطرب)(4)، وهو لا يقتضي عدم تطابق اللغة والعرف حيث ذكر له معنى آخر غير المعنى العرفي لأنه تبع في ذلك بعض الفقهاء، وهو وهم كما قيل وستعرف ذلك مفصلاً أن شاء الله تعالى فتلخص مما ذكرنا أن كلام اللغويين يحوم حول العرف.

هذا الأختلاف الذي وقع في كلامهم أنما هو للإشارة الا المعنى العام وهو أنه من مقولة الصوت أو كيفياته وليس غرضهم من ذلك التعريف التام كما لا يخفى على كل من مارس كلامهم.

تعريف الغناء عند الفقهاء
هذا كله في كلام اللغويين، وأما الفقهاء فأختلفت كلماتهم في بيان هذا الموضوع كأختلاف كلمات اللغويين، فعن الشرائع في باب الشهادات(1) والتحرير(2) والأرشاد(3) وتعليقه وش في شهاداته وجامع المقاصد(4) أنه (مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب) وعن المفاتيح أنه المشهور وعن السرائر(5) وايضاح النافع أنه (الصوت المطرب )، وعن العلامة في شهادات القواعد أنه ( ترجيع الصوت ومده)(6) وذلك مما ينادي بأعلى صوت أنهم يحومون حول المعنى العرفي.