احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص80
وأيدوا ذلك بان الحكمة في التحريم هي التشبيه في الخالق في ابداع الحيوانات واعضائها على الأشكال المطبوعة التي يعجز البشر عن نقشها على ما هي عليه، فضلا عن ابداعها واختراعها، والتشبيه المذكور يحصل بالنقش والتشكيل كما يحصل بغيره، والجميع كما ترى.
أما الاخبار الأُوَل فالصريح منها محمول على الكراهية؛ لان اكثرها غير صريح بذلك، خصوصا بعد ملاحظة المحكي عن كشف اللثام من ترادف التصوير والمثال عند أهل اللغة(3)، فالخروج عن مقتضى الاصل واطلاق الآيات والروايات في الاكتساب والمشي في طلب الرزق على أي وجه اتفق مشكل، فمن هنا ينبغي حملها على الكراهة، خصوصا بعد أن أشتملت بعض النصوص على نفي البأس اذا غيرّت رؤوسها وفي آخر قطَّعت وفي ثالث كسرت كما ستسمع بعضها ان شاء الله تعالى، وهي مشعرة بالتجسيم كما هو واضح.
واما الاخبار الأُخر فان قلنا بان الصورة ظاهرة في المجسمة كما هو ظاهر الأكثر فلا إشكال والا(4) في ظاهره لا من حيث أن النفح لا يكون الا في النقش، بل لأن ظاهر الاخبار المذكورة أن الصورة تامة وانها لا تنقص سوى الروح فيكلف بها المصور يوم القيامة.
فظهورها في المجسم مما لا اشكال فيه، بل مقابلة النقش للصورة في خبر المناهي صريحة في ذلك.
واما الحكمة المذكورة فهي حكمة لا يدور مدارها الحكم وجودا وعدما، فالقول بالجواز في الصورة المذكورة هو الاقوى فتبصّرْ.
وأما الصورة الثالثة والرابعة: وهي الصورة المجسمة لغير الحيوان فالظاهر عدم تحريم عملها وفاقاً لجماعة من اصحابنا (() استناداً الى أصالة الاباحة، وما دل على الرخصة من قبيل خبر محمد بن مسلم(1) المار ورواية التحف المتقدمة(2) وما ورد في تفسير قوله تعالى [يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ](3) حيث قال (():(والله ما هي بتماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه)(4) وعن القاضي(5) والتقي اطلاق المنع والنهي عن تزويق البيوت الذي فسره بالتصاوير والتماثيل، واطلاق قول النبي (() لعلي ((): (لا تدع صورة الا محوتها، ولا كلبا الا قتلته)(6)، والاخبار المتكثرة الدالة على عدم نزول الملائكة بيتاً يكون فيه تماثيل، والجميع كما ترى قاصر عن المعارضة لما مر مع ان الخبرين الاولين ضعيفي السند والخبر الثالث محمول على الكراهة مع انه يمكن تنزيله على التماثيل لذي الروح مجسمة أو غير مجسمة.