احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص73
والظاهر البطلان في ما لو كان القصد من البائع والمشتري معا، وفي ما لو كان القصد من البائع فقط، ويدل عليه مضافا الى الإعانة على الاثم الاجماع المنقول عن الخلاف والغنية على عدم صحة إجارة المسكن ليحرز فيه الخمر أو الدكان ليباع فيه، بل عن الخلاف نسبته الى أخبار الفرقة وهذه العبارة التي نقل الاجماع عليها شاملة لصورة الاشتراط والتواطي والقصد فتخصيصها بالبعض دون البعض كصورة الاشتراط دون غيرها مما لا وجه له، ألا ترى أنه في الجواهر بعد أن حكى عن ظاهر الاصحاب مساواة الحكم في الصور الثلاثة، قال: ولعل الدليل على ما لا يندرج منه في آية التعاون الذي قد عرفت المراد منه، الاجماع المحكي(1)، والظاهر أنه أن اريد بالاجماع المحكي ما ذكرناه(2)، بل يستفاد ذلك من كل من عبر كعبارة المحقق في الشرائع حيث قال: وأجارة المساكن والسفن للمحرمات وبيع العنب ليعمل خمرا وبيع الخشب ليعمل صنماً(3)، وهُمُ العلامة في القواعد(4) والتحرير(5) والارشاد(6) والتذكرة(7) والشهيد في الدروس(8) واللمعة(9)، والمحقق في النافع(10) ويدل عليه أيضا النصوص الواردة عن أهل الخصوص كخبر جابر (سألت أبا عبد الله (() عن الرجل يؤجر بيته فيباع فيه الخمر، فقال: حرام أجرته)(11)، وذيل مكاتبة أبن أذينة في الحسن أو الصحيح للصادق ((): (عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذ صليبا، قال: لا)(1)، وخبر عمرو بن حريث (سألت أبا عبد الله (() عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب والصنم قال: لا)(2)، فانها شاملة بأطلاقها لصورة القصد، بل ربما يُدّعى كونها نصا فيها وظاهرة في غيرها فتبصّر.
وما يعارضها من الاخبار الدالة منزّلة على الصورتين الآتيتين أن شاء الله تعالى، كما تسمع ذلك مفصلاً.
هذا كله لو حصل القصد من البائع والمشتري أو من البائع فقط وأما لو حصل من المشتري فقط فالظاهر الصحة لقيام السيرة القطعية على صحة أجارة الدور والمساكن للملوك والامراء والوزراء وأعوانهم وأشياعهم واتباعهم وبيع المطاعم والملابس والسلاح عليهم مع أنه أنما يشترون ذلك للجنود والعساكر، فلو كان المقصود من المشتري مبطل لبطل العقد المذكور؛ لان الباطل من جانب باطل من الجانبين والسيرة القطعية على خلافه، ولا فرق في ذلك بين مخالفة البائع له في العقد وعدم قصد البائع.
كل ذلك لما دل على وجوب الوفاء بالعقد وحلّية البيع مع الشك في شمول دليل المنع لذلك مضافاً الى ما عرفت من السيرة.
المبحث الرابع: البيع والايجار مع العلم بالمحرم، أن يؤجر الدكان ممن يعلم أنه يبيع فيه الخمر أو يبيع الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صليباً.
والظاهر أن لأصحابنا أقوالاً ثلاثة، فقيل وهو المشهور شهرة عظيمة محصلة ومنقولة في جواهر الكلام أنه يجوز على كراهة(3)، وقيل بالتحريم والفساد وهو المنسوب لجمع من الأصحاب منهم الشيخ
في ظاهر التهذيب(4)، والعلامة في المختلف(5) والشهيد في حواشي القواعـد والشهـيد في
المسالك(1) والروضة(2)، قال في مفتاح الكرامة: (وقد يلوح ذلك من جامع المقاصد(3)، وهو خيرة الشهيد في النهاية في المساكن والحمولات(4)، وخيرة مجمع البرهان(5)، والرياض في باب الأجارة(6))(7)، وقيل بالتحريم والصحة وهو المنسوب لأبن المتوج.