پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص69

ويدل عليه أيضا مضافا لما مر خبر صابر(5) قال: (سألت أبا عبد الله (() عن الرجل يؤجر بيته فيباع فيه الخمر قال حرام أجرته)(6)، وكيفية دلالة الخبر على المطلوب هو اما أن تنزّل على ما لو أشترط ذلك في ضمن العقد او تبانياً عليه ولا كلام في دلالة الخبر حينئذٍ، أولا يُتنزّل على ذلك بل على ما لو علم المؤجّر أن المستأجر يفعل ذلك، ومتى حرمت الأجرة في هذه الصورة حرمت في صورة أشتراط الأمر المذكور والتباني عليه بطريق أولى كما لا يخفى.

وهذا الخبر معارض بخبر أبن أذينة قال: (سألت أبا عبد الله (() عن الرجل يؤاجر السفينة أو دابته لمن يحمل فيها أو عليها الخمر و الخنازير، قال : لا بأس)(7) لكنه محمول على ما إذا أتفق الحمل من دون أن يؤخذ شرطا في العقد أو يقع التباني عليه لأن خبر صابر(8) نص بصورة الأشترط أو التباني وظاهر في صورة الاتفاق، وخبر أبن أدينة نص في صورة الاتفاق وظاهر في صورة الاشتراط، ومتى ما تعارضا أطّرح ظاهر كل منهما بنص الآخر فيبقى الأول نص في صورة الأشتراط والثاني نص في صورة الأتفاق.

ولو قلنا بالتعارض والتساقط قلنا بالاجماعات والعمومات السابقة كفاية.

ويمكن الاستدلال على ذلك بمكاتبة أبن أذينة عن الرجل (له خشب فباعه ممن يتخذه صلباناً؟، قال : لا)(1)، ورواية عمر بن حريث (عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أو الصنم ؟، قال : لا )(2) والاستدلال بفحوى الخبرين المذكورين؛ لأنه إذا حرم بيع الخشب ممن(3) يعلم أنه يعمله صليباً او صنماً حرم بيعه بهذا الشرط وكذا في صورة التباني.

وأما حمل الخبرين المذكورين على صورة الاشتراط والتباني فبعيد جدا لانه لا يتعلق للمسلم غرض في جعل خشبته صليبا أو صنما حتى ننزّل الأخبار على صورة أشتراط التباني عليه.

فان قلت : كيف نزّلت خبر صابر(4) على صورة الأشتراط ؟، قلت : فرق بين المقامين؛ لأنه قد يتعلق للمسلم غرض في أجارة دكانه لبيع الخمر وهو زيادة أجرته أو غير ذلك من أنه إذا صار معلوما بذلك تزيد قيمة عينه، بخلاف صيرورة خشبه صنما، فانه لا حاجة له به، ولا فرق بين ما ذكر وبين غيره، فان كل ذي منفعة محللة أشترط صرفه في الحرام كان بيعه باطلا؛ لانه من أكل المال بالباطل، ثم لافرق بين الشرط في ضمن العقد والتباني على صرفه في المحرم قبل العقد بحيث بني عليه، ولو فرض فرق فهو في لزوم الشرط وعدمه وذلك لادخل له في بطلان المعاملة، ومن هنا يعلم أن فساد المعاملة ليس من جهة فساد الشرط، بل هي فاسدة حتى لو قلنا بأن فساد الشرط لا يستلزم فساد العقد ؛ لأن فسادها من أكل المال بالباطل.