احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص65
والحاصل أن التكسب بها على هيئتها وصورتها محرم جزما من غير فرق بين ان يكون التكسب بالهيئة أو بالمادة التي في ضمن الهيئة قال جدي (() في شرح القواعد بعد الحكم بتحريم التكسب بها ( من غير فرق بين قصد الجهة المحللة وغيرها ولا بين قصد المادة وقصد الصورة )(1) ويظهر من بعض المعاصرين جواز التكسب بالمادة في ضمن الصورة، قال: ( إن أريد بـ ( قصد المادة ) كونها هي الباعثة على بذل المال بازاء ذلك الشيء وان كان عنوان المبيع المبذول بأزائه الثمن هو ذلك الشيء فهو حسن، لان بذل المال بازاء هذا الجسم المتشكَل بالشكل الخاصِ من حيث كونه مالا عرفا بذل للمال على الباطل، وان أريد بـ ( قصد المادة ) كون المبيع هي المادة سواء تعلق البيع بها بالخصوص، كأنْ يقول: بعتك خشب هذا الصنم، أو في ضمن مجموع مركب كما لو وزن له وزنة حطب، فقال: بعتك هذا الحطب فظهر فيه صنم أو صليب، فالحكم ببطلان البيع في الاول وفي مقدار الصنم في الثاني مشكل، لمنع شمول الادلة لمثل هذا الفرد، لان المتيقن من الدلالة المتقدمة حرمة المعاوضة على هذه الامور نظير المعاوضة على غيره من الاموال العرفية، وهو ملاحظة ما يتقوّم به مالية الشيء من المادة والهيئة والاوصاف )(2).
أقول: هذا من حيث ملكية المادة في ضمن الصورة وما ليتها، ولكن ظاهر الادلة المذكورة المنع من ذلك، لان ظاهرها عدم أرادة الشارع وجود تلك الاشياء في الخارج وعدم بقائها، ولا شك ان تجويز بيع المادة وسيلة لبقائها بل هو مثار لمادة الفساد التي يريد قمعها الشارع، فلسنا ندّعي ان مالية المادة لا تكون الا بشرط الصورة، بل نقول ان المادة وان كانت مالا لكن الشارع نهى عن التكسب بها ما دامت على هذه الصورة، لكونها مثارا للفساد، بل ربما يمكن ادعاء انه يصدق عرفا ان هذا بيع للشطرنج وان كان المبيع المادة في ضمن الصورة، وهو منهي عنه كما هو صريح الادلة،
بل ربما ندّعي ان المادة غير مستقرة البقاء، فلا يجوز التكسب بها من جهة أخرى، وهي ان دفع المال في مقابلها ما دامت على هذه الصورة سفـه صرف، لأن الشارع أباح أتلافها في أتلاف صورتها لكل أحد فلا تكون مطمئنا ببقائها، فدفع المال في مقابلها سفه صرف.
والحاصل دعوى جواز التكسب بالمادة في ضمن الصورة مما لا وجه (له)(1) وفي المسالك (ان امكن الانتفاع بها في غير الوجه المحرم على تلك الحالة منفعة مقصودة فاشتراها لتلك المنفعة لم يبعد جواز بيعها الا ان هذا الغرض نادر، فان الظاهر أن ذلك الموضوع المخصوص لا ينتفع به الا في المحرم غالبا، والنادر لا يقدح، ومن ثم أطلقوا المنع من بيعها)(2)، وناقش فيه في جواهر الكلام بـ (عدم مدخلية المنفعة النادرة بعد فرض كون المقصد المعظم منه محرما كما هو المفروض في محل البحث )(3) وهي كما ترى، ثم قال ولو فرض (ان)(4) للشيء منفعتين مقصودتين أحداهما محللة والاخرى محرمة دار الحكم مدار القصد)(5)، وهل ذلك هو المراد له؟، الا انه خروج عن المقام.