پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص59

کسب به مزمار
کسب به عود
کسب به هیاکل عبادت

سادسها: أصالة الفساد في كل ما لم تُعلم صحته أو فساده من المعاملات، وتقرير ذلك بأنْ يقال: إنّ ما علمنا صحته من المعاملات حكمنا بها، وما علمنا فساده حكمنا به، وما لم نعلم صحته أو فساده سواء ظننا أحدهما ظنا غير معتبر شرعا أولا، فالاصل الفقاهتي التعليقي فيه الفساد ونعني بالاصل الفقاهتي ما كان حجيته تعبدية لامن حيث الوصف، أي حصول الظن كأصالة الحاق الولد بالفراش، وأصالة الملكية في يد المسلم وأصالة الطهارة في الاشياء، ويقابله الاصل الاجتهادي، وهو ما كانت حجيته من حيث إفادته الظن كأصالة البراءة والاستصحاب، وبالتعليقي هو ما توقف العمل به على الفحص عن المعارض كالاصول المذكورة، ويقابله التنجيزي وهو ما لا يتوقف العمل به على الفحص عن المعارض كقاعدة عدم التكليف بما لا يطاق، وقاعدة وجوب مقدمة الواجب، وقاعدة أقتضاء الامر بالشيء، النهي عن الضد، وقاعدة عدم اجتماع الامر والنهي، ومعنى كون الاصل الفساد في المشكوك به أن الفقيه إذا شك في صحة بيع المعاطاة والفضولي وتفحص الأدلة الظنية المعتبرة على المقدار المعتبر في الفحص على رأيه فيه ولم يجد شيئا يدل على الصحة أو الفساد يبني على الفساد بمقتضى القاعدة الفقهية التعبدية، لأن الصحة مفهومها وجودي وهو الاتيان بالشيء على وجهه، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات، فالصحة في العبادات عبارة عن كون العبادة تامة الاجزاء والشرائط ومرفوعة الموانع مع كونها مأمورا بها، فلو شك في الجزء أو الشرط أو المانع لم يتحقق مفهوم الصحة ومقوماتها، وكذا لو علم بتماميتها وشك في تعلق الامر بها كصلاة الضحى لم تتحقق الصحة ايضاً، وفي المعاملات عبارة عن سببيتها للأثر المطلوب وترتب ذلك الأثر عليها كتمليك العين والمنفعة في البيع والصلح، والمنفعة فقط في الاجارة والعارية، والبضع في النكاح، فمتى ما شك في سببيتها ولم يعثر بعد الفحص على دليل يدل على ذلك يبني على فسادها وعدم السببية للأصل الفقاهتي التعبدي، فكما ان يد المسلم قاضية بالملكية والفراش قاضٍ بكون الولد له الشك(1) مع عدم العثور على دليل الصحة قاضٍ بأفساد العقد من غير فرق بين الشك أو الظن غير المعتبر بأحدهما.

والظاهر ان مدرك هذا الاصل الاجماع محصلاً ومنقولاً عن جملة من اساطين اصحابنا، وله مدارك أُخر ليس هذا محل بيانها.

ويمكن اثبات الفساد بطريق آخر، وهو ان نقول: إن الاصل عدم الصحة في المشكوك به، لأن احكام الشارع كلها توقيفية، ومنها الصحة، والاصل عدمها، فيكون الاصل من الاصول العقلية الاجتهادية وهو استصحاب العدم الاّ انه يحتاج في اثبات الفساد الى دليل، وهو اما قاعدة عدم الدليل دليل العدم، وانتفاء الواسطة بين الصحيح والفاسد، فأنتفاء الصحة يستلزم ثبوت الفساد، او دعوى ان الفساد امر عدمي وهو عبارة عن عدم الصحة فتأمل.

فأذا ثبتت اصلة الفساد في ما لم يدل دليل على صحته من المعاملات، فنقول ان المنهي عنه لركنه فاسد، لأن النهي دل على التحريم، فيخصص به ما دلَّ على حلية البيع وجوار الصلح ووجوب الوفاء بالعقود، لأن التعارض بينهما بالعموم او الخصوص المطلقين فيخرج المنهي عن عموم ادلة الاباحة والجوار، والصحة وان كانت من الاحكام الوضعية لكنها تابعة في هذه الادلة للحكم التكليفي، بمعنى انَّ الصحة قد استفيدت من ادلة الأباحة ولزوم الوفاء، فمتى زال الحل بالنهي فلا وجه لبقاء الصحة، والغرض ان المنهي عنه لركنه بخروجه عن ادلة الصحة يبقى بلا دليل فيرجع الى اصالة الفساد الاولية، وهو معنى قولنا: ان المنهي عنه لركنه فاسد الاّ ان النهي يدل على الفساد، فأن قلت: ان هذا الكلام يتجه فيما لو كان دليل الصحة منحصر في العمومات التكليفية، وليس كذلك لأن عندنا عمومات وضعية كقوله: (البيعان بالخيار)(2) ونحوه لا تنافي بينها وبين التحريم فلا تخصص به وهي كافية في اثبات الصحة.

قلت: الادلة الوضعية مع عدم وجودها في كثير من الابواب واخصيتها من المدعي لبيان حكم آخر ولا دلالة فيها على اثبات الصحة حتى يتمسك بها، وبالجملة المعاملة المنهي عنها لركنها فاسدة فتبصّر.

التكسب بآلات اللهو
النوع الثاني مما يحرم التكسب به ما كان محرما لتحريم الغاية التي وضع لها ذلك الشيء كآلات اللهو، مثل العود والمزامير وهياكل العبادة المبتدعة كالصليب والصنم وآلات القمار كالنرد والشطرنج.

(العُود بالضم الذي يضرب به وهو عود اللهو )(1).

كذا في المجمع.