احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص58
خامسها: النبوي المشهور وهو قوله ((): (إذا حرّم الله شيئاً حرم ثمنه)(1)، فانه دال على فساد المعاملة المنهي عن أحد أركانها وهو المبيع، وبضميمة عدم القول بالفصل بالاركان يتم المطلوب، وبيان دلالته على الفساد أن معنى حرمة الثمن هو حرمة أخذه وإمساكه والتصرف فيه، وليس ذلك الا لعدم تملكه، وعدمُ تمليكهِ لا يجامع صحة المعاملة، لأن صحتها عبارة عن ترتب الاثر عليها الذي هو الملك والتمليك.
فان قلت: ان تلك ليست من لوازم الملك الذي يقتضي إنتقاؤها بانتفائه، ألا ترى أن الذمي لا يجوز له التصرف بالخمر والخنزير ولا إمساكهما ولا أخذهما، لأنه مكلف بالفروع كالمسلمين مع أنه يملكهما.
قلت: ذلك ليس ملكا واقعيا، لكن الشريعة أقرتهم على ما يرونه من صحة تملكها فجرى عليها حكم الملك من عدم جواز الاتلاف ووجوب الرد والضمان ونحو ذلك فكان حكما ثانويا، وإلا فليس ذلك من الأملاك الواقعية لهم.
فان قلت: كما ان حرمة نفس المعاملة لا تستلزم عدم الملك، كذلك حرمة الثمن والتصرف فيه لا تستلزم عدم تملكه.
الا ترى انه كم من مالك لا يجوز له التصرف في ملكه، ولا يجوز له المطالبة به، كمن اشترى شيئاً مغصوباً ودفع ثمنه فانه لا تجوز له المطالبة بالثمن وإن كانت عينه باقية كما هو المشهور، بل حكى على ذلك الاجماعِ جماعةٌٌ.
نعم لو ردّه له البائع جاز له التصرف فيه، ومثله المدّعي لا تجوز له المطالبة بالمال الذي حلف عليه المنكر، ولا يجوز له التصرف فيه وإن كان ماله وملكه.
قلت: نحن لا نقول إن حرمة الثمن تدل على الفساد لغة أو عقلا بل نظراً(2) الى قواعد الشرع لأن المعلوم من قواعده ان الملك له لوازم شرعية تثبت بثبوته وينتفي بانتفائها الا ما خارج بدليل، وخروج الموارد المذكورة ببعض الادلة الخاصة لا ينافي ما ذكرناه من قواعد الشريعة.