احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص57
فان قلت: إن الاخبار المذكورة تدل على أن العقد المنذور تركُه باطل، كما لو حلف على أن لا يبيع أو نذر كذلك، لاشتمال العقد المذكور على معصية الله بمخالفة النذر أو اليمين.
قلت: ليس الامر كذلك، لأن الظاهر من الخبر أن كل عقد يكون معصية لله، لو خُلّي ونفسه من دون أمر خارج يكون باطلا، والعقد المنذورُ تركُه إنما كان معصية بتوسط النذر واليمين، وليس النذر واليمين إلا كإذن المولى في عقد عبده، فمنْعُ الله عن العقد المنذورُ تركُه بواسطة الزام العبد نفسه بتركه العقد باليمين، كما أن منع الله من عقد العبد بواسطة منع سيده عنه
وكيف كان فالظاهر من الخبر أن كل عقد يكون معصية لله بنفسه من دون توسط أمر آخر يكون فاسدا، والعقد المنذور والمحلوف على تركه ليس كذلك.
فإن قلت: إنما نمنع حجبه الخبر للمناقشة في سنده وفي حجيته في مثل المقام، قلت: أما سنده فمعتبر وتلقي الاصحاب له بالقبول وتكرر نقله في كتبهم كافٍ في ذلك، وأما حجيته في مثل المقام فلا كلام فيها، لأن الغرض إثبات قاعدة فقهية به وهي ( فساد ما تعلق النهي بركنه من المعاملات ) لا إثبات مسألة أصولية وهي دلالة النهي على الفساد.
وبين المقامين بون بعيد.
نعم نحن نجعل النهي المذكور أمارة كاشفة عن فساد المنهي عنه.
فان قلت: إنه معارض بعدم ظهور النواهي في فساد المنهي عنه، قلت: لا تعارض بين الخبر وبين عدم ظهور النواهي في ذلك، لأنا ندّعي دلالة الخبر على فساد المنهي عنه لا دلالة الخبر على دلالة النواهي على فساد المنهي عنه.
نعم لو ادّعينا دلالة الخبر على دلالة النواهي على الفساد أمكن ذلك.
وأقول تنزّلا: لو ظهر من النواهي عدم فساد المنهي عنه وكانت معارضة للخبر المذكور كان مقدما عليها أيضا لأنه من قبيل القرينة على صرف ظاهر النواهي، لأنه يكون نظير ما لو قال القائل: كلما نهيتك عن شيء فهو فاسد، فهذا صارف لظواهر النواهي والخبر المذكور فتبصر.