پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص52

ولا فرق في باب المعاوضات بين مناولة البائع للمشتري و عدمه لما ذكرناه من الغش والتدليس، والمنقول عن جدي المرحوم التفرقة جمعا بين الاخبار المتقدمة فحَملَها على المناولة، وبين خبر عبد الله بن بكير، قال: (سألت الصادق (() عن الرجل أعار الرجل ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه، قال: لا يعلمه، قلت: فأن أعلمه، قال: يعيد)(1)، وخبر محمد بن مسلم عن أحدهما (() قال: (سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي، قال: لا يعلمه حتى ينصرف من صلاته)(2) فحملها على عدم المناولة، وانت خبير بأن الخبرين المذكورين ليسا في المعاوضات وأخذ صاحب الحدائق بالاخبار المانعة من الاعلام نظرا الى أن الطهارة والنجاسة والحل والحرمة من الاحكام العلمية وليست من الأحكام الواقعية النفس الأمرية، واستشكل في التوفيق بين الاخبار ولم يتخلص(3)، وهو مناف لأجماع الأصحاب وروايات الباب فلا ينبغي الالتفات اليه.

ثانيها: إذا فعل أحد فعلا غير جائز باعتقاد الجواز خطأً او سهواً أو جهلاً، هل يجب أعلامه أم لا ؟ فيه أشكال وربما قيل: انه إن كان متعلقا بالنفس أو العرض، كما لو اراد قتل احد بأعتقاد انه قاتل أبيه، وليس كذلك، ونظائره نفساً وطرفاً، أو يريد الجماع مع زوجة الغير باعتقاد انها زوجته يجب الاعلام حفظا للنفس والعرض عن التلف، ولان المفهوم من الآثار المعهودة من الشريعة الاهتمام بهما، وتعلق غرض الشارع بعدم اختلالهما وان كان مالا كما لو أراد احد أن يأكل مال أحد باعتقاد انه ماله، ففي وجوب الاعلام أشكال، وحكي عن البعض الوجوب ايضا، نظر الى حق المسلم على المسلم لكنه لم يثبت والأصل البراءة، نعم ليس له ان يكون سببا له كأن يعطيه مال الغير فيصرفه بأعتقاد أنه ماله.

وأن كان غير الثلاثة المذكورة بل كان حكما كما لو رأيته يتوضأ أو يصلي بالنجس باعتقاد الطهارة، فعن البعض أنه ان كان هذا الحكم علميا كالصلاة مع النجاسة لم يجب الاعلام، وان كان وجوديا كالوضوء بالنجس وجب الاعلام، ويحتمل التفصيل في تلك الصورة بين المناولة وغيرها فيحرم في الاول دون الثاني، فلو أعطاه ماء نجسا ليتوضأ به وجب الاعلام، وكذلك لو اعطاه ثوبا نجسا ليصلي فيه، واما اذا لم يناوله فلا يجب الاعلام سواء كان وجودياً أو علمياً، ويحتمل القول بعدم الوجوب مطلقا في الوجودي والعلمي والمناولة وغيرها، للأصل ولما يظهر من أطلاق بعض الاخبار بجواز أعادة الثوب الذي لا يصلي فيه، فأنه مطلق بالنسبة الى إرادة المستعير الصلاة وغيرها.

هذا كله في غير باب المعاوضات، وأما فيها كما لو باعه نجسا فاللازم الاعلام مطلقاً سواء ناوله أولا، حذراً من التدليس وهذا ليس كمناولة الماء النجس للوضوء أو الشرب لأن هذا معاوضة مقابلة بالمال.

بخلاف ذلك فلا تفعل.

ثالثها: قد عرفت أنه يجب الاعلام بالنجاسة بالدهن المتنجس وكذلك أيضا يجب الاعلام بجلود الميتة إذا قلنا بجواز التكسب بها لبعض الانتفاعات، كاستقاء الماء بها للمزارع والبساتين وغير ذلك.