احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص51
احدها: في باب المعاوضات، لو كان أحد العوضين متنجساً ثمنا كان أو مثمنا جامدا كان أو مائعا يقبل التطهير أولا، فهل يجب على صاحبه الاخبار بنجاسته أولا ؟ وهل يثبت الخيار مع عدم الإخبار أولا ؟ ظاهر الاصحاب وجوب الاعلام وثبوت الخيار مع عدمه، وعلّل ذلك بعض اصحابنا (بان النجاسة عيب خفي، فيجب إظهارها)(4) وفيه انهم صرحوا أن العيب ما زاد أو نقص عن الخلقة الاصلية، والنجاسة ليست كذلك فتأمل.
ويمكن ان يكون المنشأ في ذلك قاعدة حرمة الغش والتدليس لأن عدم الاعلام بالنجاسة – مع أن المشتري أقدم على البيع طاهرا للأصل – تدليس ولا يفسد العقد لخروج متعلق النهي عن المعاملة.
نعم لازم ذلك ثبوت الخيار، ولذا إن الاصحاب حكموا بثبوت الخيار هنا، والمدار في الخيار إن جعلناه من العيب واضح، وإن جعلناه من التدليس فمدرك الخيار مشكل، لأن التدليس لا يثبت خيارا مستقلاً، بل هو إما يرجع الى خيار العيب أو الوصف أو الغبن أو غير ذلك من الخيارات.
وحينئذ نقول: إن كان تطهيره أو عدم قبوله التطهير يوجب نقصا في القيمة وضررا على المشتري فالقول بالخيار للضرر والضرار لدخول الغبن لا بأس به، وإن كان تطهيره لا يوجب نقصا في شيء من الاشياء ولا يحتاج الى مؤنة، كبعض الجوامد المتنجسة من قبيل الاحجار فثبوت الخيار مشكل، ولكن ظاهر كلام اصحابنا ثبوته مطلقا، فعلى هذا يكون وجوب الاعلام على القاعدة من غير فرق بين المائع والجامد ولا بين الدهن وغيره، وإن قلنا إن وجوب الاعلام جاء به الدليل في خصوص المقام فلا ينبغي التعدي عنه، ودعوى تنقيح المناط بين المقام وغيره غير منقحة لأن المناط بينه وبين الاعيان القابلة للتطهير غير منقح، وبينه وبين الاعيان غير القابلة للتطهير وإن كان منقحا، لكن لا يجوز التكسب بها على المشهور، وأما على ما ذهبنا اليه من جواز التكسب بها فالأمر واضح، ولا فرق في وجوب الاعلام بين بيعه من الكافر وغيره وبين من لا يبالي بالنجاسة وغيره، وبين كون المشتري قائلا بنجاسته أو بعدم نجاسته، والوجه في الكل كونه نجسا عند البائع فيحصل الغش بعدم الاعلام وهو محرم وإن كان لا فائدة في الاعلام في بعض الفروض.
نعم لو كان مذهب البائع الطهارة ومذهب المشتري النجاسة لم يجب الاعلام لعدم التدليس بالنظر الى البائع.
وفيه اشكال، بل هذا أولى بوجوب الاعلام من عكسه وان كان العكس أوفق بالقاعدة فتأمل.