احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص44
وفي الجميع نظر، أما العمومات ففيها ما عرفت، وأما الاخبار الخاصة فهي منزّلة على النهي عن بيعه من غير اعتبار الاعلام ،أو هي كناية عن عدم جواز الانتفاع به قبل ذهاب الثلثين، فلا تشمل بيعه بقصد التطهير مع أعلام المشتري، وكيف كان فالظاهر أنه يكفي في جواز بيعه بقاء ماليته والله العالم.
هذا كله في أعيان النجاسات، وأما المتنجس بالعارض فالظاهر جواز الانتفاع به، وكونه مملوكا كما ان الظاهر جواز تمليكه مجانا وبالعوض.
أما جواز الانتفاع به فالأصل جواز الانتفاع بالأعيان المتنجسة إلا ما خرج بالدليل كالأكل والشرب والاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال وفاقا لأكثر أساطين المتاخرين، وصرح جمع من اصحابنا المعاصرين بان القاعدة فيه المنع من التصرف الا ما خرج بالدليل كالاستصباح بالدهن المتنجس تحت السماء وبيعه ليعمل صابوناً على رواية، والاقوى الاول، لاصالة الجواز وقاعدة حل الانتفاع بما في الارض، ولا دافع لذلك سوى ما يُتخيَّل من بعض الآيات والاخبار والاجماعات المنقولة، والكل فيه ما فيه.
أما الآيات فمنها قوله تعالى في آية [الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ](1) فانها دلت على وجوب اجتناب كل رجس، والرجس النجس.
وفيه ان الظاهر من الرجس ما كانت ذاته كذلك لا ما عرض له ذلك مع انها لو عمت ذلك للزم اجتناب كل متنجس مع ان اكثر المتنجسات لا يجب اجتنابها، فيكون خارجها اكثر من داخلها، مع أن الآية إنما أمرت بأجتناب ما كان رجسا من عمل الشيطان، فأما أن يكون المراد منها أن ما كان ذاته رجساً من عمل الشيطان كالخمر النجس والميسر النجس معنى يجب اجتنابه – وعليه فلا تشمل الآية المتنجس بالعارض فانه ليس من عمل الشيطان – واما أن يكون المراد منها الامر باجتناب الاستعمال على حذف مضاف في صدر الآية ويكون الغرض انما استعمال الخمر والميسر، وعليه فيكون المأمور باجتنابه كل استعمال ثبت كونه رجساً، ولم يثبت كون استعمال الاعيان المتنجسة بالعارض رجس.
وكيف كان فالآية لا تدل على المطلوب.
ومنها قوله تعالى: [وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ](2) بناء على ان الرُّجز النجس.
وفيه ان المراد بالرجز ما كان كذلك في ذاته فلا تشمل المتنجس بالعارض.
ومنها آية تحريم الخبائث(3) بناء على أن كل متنجس خبيث.
وفيه أن الظاهر من ذلك تحريم اكلها بقرينة قوله تعالى
(1) البيهقي، السنن الكبرى، 6 / 13، الطوسي، الخلاف، 3 / 184.
(2) العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، 1 / 464.
(3) الحر العاملي ،وسائل الشيعة، 12 / 170.
(4) المصدر نفسه، 12 / 169.