احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص39
وعلى ما ذكرنا ينزل خبر تحف العقول حيث يقول فيه: ( وكل شيء يكون لهم فيه الصلاح من الجهات ) فان المراد منه جهة الصلاح الثابتة حالة الاختيار دون حال الضرورة.
نعم يقال أن الشيخ في الخلاف في باب الأطعمة روى النبوي (أن الله اذا حرم أكل شيء حرم ثمنه) وهو مردود بضعف السند وعدم الجابر له متناً ودلالةً، مع أنه معارض بجملة من الأدلة في مقامات عديدة هذا وقد ظهر مما ذكرنا دليل المانع من التكسب بالابوال مطلقا وهو مردود في أبوال الابل بالاجماعين المنقولين عن الايضاح(1) وجامع المقاصد(2)، كما عرفت.
المقام الرابع: في التكسب في ارواث ما يؤكل لحمه، والظاهر انه لا كلام ولا اشكال في جواز بيعها اذا كانت لها منفعة محللة مقصودة بل عن الخلاف نفي الخلاف فيه(3) وعن المرتضى حكاية الاجماع عليه(4)، ويحكى عن سلاّر(5) وعن المفيد(6) حرمة بيع العذرة والابوال كلها إلا بول الابل للأستشفاء، وليس له مستند سوى تحريم الخبائث بدعوى ان التحريم يعم جميع انواع الانتفاعات حتى البيع ونحوه، وقد عرفت غير مرة ان المراد من التحريم في ذلك الاكل خصوصا بعد مقابلته [أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ](7) وسوى قوله ((): (كلما حرّم الله شيئا حرم ثمنه)(8)، وقد عرفت ايضا ان المراد تحريم جميع الانتفاعات أو تحريم المنفعة الغالبة المقصودة ومنفعة الروث الظاهرة الغالبة الايقاد ونحوه دون الاكل فهو كالطين وشبهه، وسوى خبر الدعائم.
ثم ان الحلال من البيوع كل ما كان حلالا من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس ومباحٌ لهم الانتفاع، وما كان محرما اصله منهيا عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه، وفي دلالته نظر واضح كما لا يخفى.
التكسب بالكلب والخنزير البريين
ومن جملة ما يحرم التكسب به الكلب والخنزير البريان، والمراد بالكلب هنا كلب الهراش، وعن التحرير حكاية الاجماع على حرمة التكسب بما عدا الكلاب الاربعة(1)، وعن التذكرة الكلب ان كان عقوراً حرم بيعه عند علمائنا(2) وعن المبسوط انه لا يصح بيع الخنزير ولا اجارته ولا الانتفاع به اجماعاً(3).
هذا كله مضافا الى ما مرّ من عدم قبولها الملك.
وكما لا يجوز بيعهما لا يجوز بيع اجزائهما من غير فرق بين ما تحله الحياة منها وبين ما لا تحله، لنجاسة الجميع كما عرفت ذلك في كتاب الطهارة مفصّلاً، فجميع ما دلّ على عدم جواز بيع الاعيان النجسة يدل عليه.