پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص38

إن قلنا بجواز شربها اختيارا – كما عليه جماعة من القدماء والمتأخرين، بل عن المرتضى دعوى الاجماع عليه – فالظاهر جواز بيعها، وان قلنا بحرمة شربها كما هو مذهب جماعة آخرين لأستخباثها ففي جواز بيعها قولان(2) فأنه صريح في جواز البيع على تقدير القول بجواز الشرب، بل صريحه ترتيب الخلاف على القول بحرمة الشرب.

وفيه ما لا يخفى من منع الملازمة، لان جواز البيع يتبع المالية عرفاً، ولا ملازمة بين جواز الشرب وبينها كما لا يخفى.

الا ترى ان الماء على ساحل البحر يجوز شربه ولا يجوز بيعه لعدم ماليته.

وصنف حرم شربها اختيارا واجاز بيعها والتكسب بها استنادا الى ان لها منفعة ظاهرة وهي الشرب ولو عند الضرورة، وهي كافية في جواز البيع، والفرق بينها وبين ذي المنفعة غير المقصودة حكم العرف بأنه لا منفعة فيه.

وفيه ان اصل المنفعة المذكورة مجوّزةً للبيع يستلزم تجويز بيع جميع المحرمات، لان ما من محرّم الا ويجوز اكله عند الضرورة، مع ان النبوي (ان الله اذا حرّم شيئا حرم ثمنه)(1)، قاض بعدم جواز بيعها، لان مفاده ان كل ما حرم حال الاختيار حرم ثمنه مطلقا؛ لأن الله لم يحرّم شيئا في جميع الاحوال فلا يبقى للدليل موردٌ إذا اريد منه ذلك، والمفروض ان الأبوال محرمة حال الاختيار.

فان قلت: وان حرم شربها لكنها غير محرمة الانتفاع مطلقا بل يجوز الانتفاع بها بغير الاكل فلا تكون موردا للدليل.

قلت: المراد من قوله (اذا حرّ م شيئا حرُم ثمنه) يعني اذا اطلق تحريم (أي )(2) شيءٍ كان قال: (هذا حرام) واطلاق التحريم ينصرف الى تحريم جميع المنافع او الى تحريم المنفعة الظاهرة وهي في الأبوال الشرب.

فلا ينتقض ذلك بالطين المحرم الاكل مع انه يجوز بيعه لان الاكل منفعة نادرة للطين، أو غيرها اهم منها، بخلاف الأبوال فان منفعتها الظاهرة الشرب كما لا يخفى، ولا ينتقض ذلك بالادوية المحرمة حال الصحة.

مع انه يجوز بيعها لحليتها حال الضرورة وهو حال المرض، لان التحريم حال الصحة للضرر وتحليلها حال المرض للنفع، فهو من تبدّل العنوان لأنها محرمة ذاتا وقد حلّت للضرورة، ولو كان كل ما يحرم في حال ويحل في اخر يحرم بيعه لما جاز بيع شيء، لان كل شيء قد يحرم في حال فتبصّر.