احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص37
ودعوى أن التكليف باجتناب الخبيث غير مشروط بالعلم بالخباثة، بل هو مطلق، ومن شأنه توقف الامتثال فيه بالتنزه عن محتملاته، وان هو الا كالتكليف بأجتناب السمومات والمضرات ممنوعة، لان مبنى الحرمة في السمومات والمضرات على الخوف والمخاطرة ونحوهما مما يكفي فيه الاحتمال المعتد به، بخلاف الاول الذي قد يُدّعى عدم تحقق الخباثة في نفس الامر فيه لان مبناها النفرة الوجدانية، والفرض انتفاؤها فلا يتصوّر تحققها في نفس الامر، ومع التسليم فلا يجب الاجتناب لعمومات الحِل كتابا وسنة كما مرّ.
ومنع الاولوية المدّعاة بالنسبة الى المثانة التي هي مجمع البول لان تحريم المثانة اما للنص المجبور بالشهرة كما علم في محله، واما للإجماع.
والاولوية المدعاة في كون التحريم في المثانة للاستخباث، وهو ممنوع، فالاولوية المدّعاة ممنوعة.
على ان حصر محرمات الذبيحة في ماعدا البول في النصوص واسقاط البول وعدّ ما سواه مما يشعر بتحليلِه ومنعِ ما ذكر في زيادة وجه الاولوية بالنسبة الى أبوال الدواب الثلاثة وارواثها، اذ دلالة النصوص على أشدّية البول لا تقتضي حرمة الاسهل وهو الروث حتى تقتضي حرمة الاشد وهو البول، خصوصا بعد حمل تلك النصوص على ضرب من الكراهة ولو من جهة الخباثة التي لم تصل الى حد يوجب التنجيس، والجميع كما ترى.
اما الاصل فمقطوع بما دلّ على التحريم، واما اجماع المرتضى(1) فمردود بشهادة التتبّع بخلافه.
واما الموثق فلا يدل الا على الطهارة، واما الاخبار الواردة في ابوال الابل والبقر والغنم فلا تدل الا على جواز شربها للتداوي عند الحاجة، فان اريد منها الضرورة فلا ريب انها مسوّغة لتناول جميع المحرمات وان اريد ما هو اعم من ذلك كان اعتبار الحاجةِ في الاباحة اختيارا مخالفا للإجماع فيتعيّن طرح الاخبار لذلك، واما المناقشة في ادلة التحريم، فاما منع القطع بالاستخباث فهو مكابرة في مقابلة العيان والوجدان، واما دعوى جواز ارتكاب محتمل الاستخباث فلا يضرنا بعد القطع بالاستخباث، كما انا لمناقشة في زيادة الاولوية لا تفيد الخصم.
هذا مع انا لو سلمنا الصغرى فلا نسلمّ الكبرى ونمنع الملازمة بين ما يجوز شربه وما يجوز التكسب به.
نعم لو عُدّ في العرف مالا لذلك جوّزنا التكسب به، مع ان الرجوع الى العرف يقضي بخلافه كما عرفت من عدم اجراء احكام الاموال عليه عرفاً.
ومن هنا ظهر لك ما في بعض عبائر من عاصرناه حيث قال فرعان:
الاول: ما عدا بول الابل من أبوال ما يؤكل لحمه المحكوم بطهارته عند المشهور.