پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص36

ولعل الاقتصار في الجواز على قصد شرائه للاستشفاء أولى، كما أن الأولى الاقتصار في الجواز على مقدار الحاجة، والمرجع في معرفة الداء وما به الاستشفاء الى التجربة وقول الطبيب.

ولعل السر في انعقاد الاجماع على جواز التكسب به للاستشفاء دون غيره مع ان غيره من أبوال مأكول اللحم يجوز الاستشفاء به مع الضرورة، مع ان كثرة الاضطرار الى التداوي والاستشفاء به صيّرته مالا دون غيره، فانه وإن جاز الاستشفاء به عند الضرورة الا انها لا تدعو الى ذلك الا نادرا فيكون الاستشفاء ببول الابل من المنافع الغالبة التي يعد من جهتها مالا دون الاستشفاء بغيره من الأبوال، فانه لا يعد الاستشفاء بها من المنافع الغالبة التي يكون من جهتها مالا، فيكون الاستشفاء بها عند الضرورة كتحليل بقية المحرمات عند الضرورة، فكما لا يجوز التكسب ببقية المحرمات وإن حلت عند الاضطرار لا يجوز التكسب بغير بول الابل، وإن جاز الاستشفاء به عند الضرورة، أو إن السر ما تخيّله البعض من أن بول الابل يجوز الاستشفاء به عند الحاجة غير الموصلة الى حد الضرورة للنص دون غيره من الابوال، فلا يجوز الاستشفاء به الا عند الضرورة.

وهذا مشكل، لما عرفت من التساوي بينه

وبين بول البقر والغنم في الاخبار.

على أنه لا يخلو عن تأمل.

أحتج المجوّز للتكسب بأبوال ما يؤكل لحمه مطلقا من غير فرق بين بول الابل وبين غيره، وهم صنفان :

صنف جوّز شربها اختياراً، واستند الى انها يجوز الانتفاع بها في الشرب وهي منفعة غالبة مقصودة للعقلاء، وكل عين يجوز الانتفاع بها كذلك يجوز التكسب بها.

أما الكبرى فثابتة بما مرّ، واما الصغرى فثابتة بالاصل والاجماع الذي حكاه المرتضى في الانتصار(1) على جواز شربها اخياراً وبالموثق (كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه)(2)، وبالاخبار المتكثرة المتقدمة الدالة على جواز التداوي والاستشفاء ببول الابل والبقر والغنم، وحملُها على الضرورة المجوّزة لذلك مسقط لخصوصية بول الابل مع ان فيها ما هو صريح بذلك كقوله ((): (بول الابل خير من ألبانها، ويجعل الله الشفاء في البانها)(3)، هذا مع المناقشة في أدلة التحريم من منع القطع بالاستخباث الموجب للتحريم، وعدم كفاية الاحتمال لعموم أدلة الحِل كتابا وسنة، فكما ان احتمال النجاسة لا يوجب الاجتناب، فكذلك احتمال الاستخباث لا يوجب الاجتناب.