احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص34
واما كون الشرب هو المنفعة الغالبة هنا فأمر واضح، واما انه كلما حرمت منفعته الغالبة حرم التكسب به فقد اثبتناه في ما مر مفصلا.
هذا مع انه يمكن الاستناد بعد أثبات تحريمها في حرمة التكسب بها الى قوله ((): (اذا حرم الله شيئا حرم ثمنه)(1)، وقوله ((): (لعن الله اليهود حرَّمت عليهم الشحوم فباعوها)(2) فتأمل.
ثانيها: عدم أجراء حكم الاموال بل أحكام الاملاك عليها عرفا، ولهذا لا يتعلق بها حكم الاموال من السرقة والغصب والاتلاف، ومتى ما سقطت عن حكم المالية عرفا لم يجز التكسب بها، لان ما لا يعد في العرف مالا لا يجوز التكسب به.
ثالثها: ما يحكى عن كشف الرموز(3) من ان مستند المنع عموم الاخبار الواردة بالمنع من التصرف في الابوال، فأن مقتضاه ورود نصوص بالمنع وإن لم نجدها في كتب الحديث، ويشهد له فتوى الشيخ في النهاية بالمنع(4)، مع انها متون اخبار كما صرح به غير واحد من الاصحاب ويؤيده ما يحكى عن ابن ادريس في دره حيث يقول: إنّ هذا خبر أورده شيخنا أيراداً لا اعتقاداً(5).
واما الدعوى الثانية فمستندها الإجماع المنقول عن جامع المقاصد(1) وايضاح النافع(2) وهو العمدة في الباب.
وخلاف العلامة في النهاية(3) وابن سعيد(4) لا يقدح بذلك كما لا يخفى، وما يقال من جواز شربها أختياراً استنادا الى اجماع المرتضى(5) على جواز شرب أبوال مأكول اللحم أختيارا، وشموله لأبوال غير الابل لا يقدح في الاستدلال فيكون المقتضي موجودا والمانع مفقودا، فيجوز التكسب بها حينئذٍ – مما لاوجه له لمنع الاجماع المذكور بشهادة قضية التتبّع بخلافه، خصوصا بعد شموله لا بوال غير الابل، كما أن قضية الوجدان تشهد بأستخباث بول الابل وانه مشارك لغيره في الاستخباث الموجب للتحريم، و ما ادعاه – بعض المحققين من منع استخباثه، لان العرب لا تستخبثه بل تتداوى به وتشربه عند أعواز الماء وقلته، وهم المرجع في التمييز بين الطيبات والخبائث – ففيه أن دعوى انهم المرجع في التمييز بعدما نشاهده منهم من تناول المحرمات وعدم أجتناب الخبائث واكل الضب واليربوع وكل ما دبّ ودرج مشكل جدا.