احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص29
نعم روي في مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي صاحب الرضا (()، قال: (سألته عن الرجل يكون له الغنم، يقطع من إلياتها وهي أحياء، أيصلح أن ينتفع بها؟ قال: نعم، يذيبها ويسرج بها ولا يأكلها ولا يبيعها)(2) وعن صاحب الكفاية أنه استوجه العمل بها(3) تبعا لما حكاه الشهيد عن العلامة في بعض اقواله(4)، والرواية مع كونها شاذة معارضة بالاجماع المنعقد على تحريم الميتة والتصرف فيها على كل حال، بل معارضة بما دلّ على المنع من موردها معللاً بقوله ((): (أما علمت انه يصل اليد والثوب وهو حرام)(5).
التكسب بالدم
ومن جملة الاعيان التي يحرم التكسب بها الدم لحرمة الانتفاع به كما عرفت من الاصل المتقدم، وعلى تقدير جواز الانتفاع به بالصبغ ونحوه، كما يقوله البعض يشكل القول بجواز التكسب به لأن منفعته الغالبة وهي الاكل محرمة، وقد عرفت أن كل ما تحرم منفعته الغالبة يحرم التكسب به، اللهم إلا أن تقول ان الصبغ من المنافع الغالبة المقصودة للعقلاء في مقام المعاوضات.
وكيف كان فيدل على ذلك أيضا – بعد حكاية الاجماع كما عن النهاية والايضاح والتنقيح(1) ونفي الخلاف كما في كتب بعض المعاصرين – الاخبارُ المتكثرة.
هذا كله في الدم المسفوح وأما غيره وهو الدم الطاهر، فاما المتخلف بالذبيحة منه فيظهر من جدي المرحوم في بغية الطالب في باب الطهارة حلية أكله حيث قال فيها: واما المتخلف في الذبيحة فهو طاهر حلال لكنه خلاف ما عليه الاصحاب(2) ولعله (() يريد المتخلف في اللحم ولهذا قيده ولده المرحوم الشيخ موسى في شرح الرسالة بعدم الانفصال، قال: وأما المتخلف فهو طاهر وحلال ما لم ينفصل وهو الاقوى عندي(3).
وكيف كان فعلى القول بحليته لا كلام في جواز التكسب به، وأما على القول بالحرمة فيكون حكمه حكم باقي الدماء الطاهرة كدم ما لا نفس له، والظاهر جواز التكسب بها(4) فجواز الانتفاع بها منفعة محلله وهي الصبغ ونحوه.
هذا إن كانت من المنافع الغالبة المقصودة كما عرفت، وإن لم تكن كذلك فلا يجوز التكسب به، والظاهر أن تلك منفعة غالبة مقصودة تكفي في جواز التكسب.
وعن التذكرة التصريح بعدم بيع الدم الطاهر لاستخباثه(5)، ولعله لعدم المنفعة الظاهرة فيه غير الاكل المحرم بزعمه وقد عرفت ما فيه.
وأما مرفوعة الواسطي المتضمنة لمرور أمير المؤمنين (() على القصابين ونهيهم عن سبعة: بيع الدم والغدد وآذان الفؤاد والطحال الى آخرها(6) فالظاهر ارادة حرمة البيع للأكل، ولا شك في تحريمه لما سيجيء من أن قصد المنفعة المحرمة في البيع موجب لحرمة البيع، بل موجب لبطلان البيع فتبصر والله العالم.
(1) في المخطوطة ( الميتة ) وما أثبتناه هو الصحيح.
(2) ابن أدريس الحلي، مستطرفات السرائر، 573.
(3) المحقق السبزواري، كفاية الأحكام، 252.