احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص24
قال بعض المعاصرين: وفيه ان المستحل قد يكون ممن لا يجوز له الاستنقاذ منه الا بالأسباب الشرعية كالذمي(3) وهو كما ترى، لأنها محمولة على المستحل الذي يجوز الاستنقاذ منه.
وقال بعض المتأخرين: ( وفيه ان المسؤول الصادق (() ووجود الحربي في زمانه بحيث يَتعامل معه السائلُ حتى يستنفذ منه المال بعيد، والذميّ ماله محترم ) ثم قال: الا أن يقال انه يمكن وجود المعاهد حينئذ، وتكون معهم المعاملة فاسدة ايضا كالحربي ويكون ذلك استنقاذاً، والفرق بين المعاهد والحربي بعد فساد معاملة كل منهما أن الحربي يمكن استنقاذ ماله ولو قهراً، والمعاهد هو الذي لا يؤخذ ماله الا برضاه ولو بحيلة غير شرعية، ويمكن أن يكون مستند المحقق فيما ذهب اليه تنزيل الخبرين المذكورين على ذلك.
وفيه أن ظاهرهما بيع المجموع من المستحل دون المذكى خاصة، فحملُ الخبرين على ذلك خروج عن ظاهرهما واطراح لهما، على أن قصد بيع المذكى خاصة لا يجدي نفعا بعد اشتباهه بالميتة، لانه يكون حكمه حكم الميتة باعتبار وجوب اجتناب الشبهة المحصورة وعدم جواز ارتكاب شيء منها.
هذا على المختار في الشبهة المحصورة، وعلى القول بجواز ارتكاب الشبهة المحصورة لابد من القول بعدم الجواز هنا، لان الأصل في كل من أفرادها – بعد إلغاء العلم الإجمالي – عدم التذكية.
نعم في ما كان الأصل في أفرادها الإباحة وجواز الارتكاب مع الغاء العلم الاجمالي يمكن القول: بجواز بيع الفرد المحلل وقصده بالبيع خاصة، على انه إنْ كان المناط في الجواز كون المشتري مستحلا فلا وجه لتخصيص ذلك بصورة الاشتباه ولا بقصد بيع المذكى خاصة، وإن كان المناط الاشتباه فلا وجه لتخصيص ذلك بالمستحل.
اللهم الا أن يكون المناط حصول الاشتباه مع كون المشتري مستحلا، وهو بعيد، لبُعدِ مدخلية الاشتباه في الحكم فتأمل.
على انه قد يبطل البيع من جهة اخرى وهي عدم القدرة على تسليم المبيع تسليما تاما بحيث ينتفع به المشتري، إذ غاية ما في الباب أن يُسلَّم الجميع وتسليم الجميع لا ينفع، لانه لا يجوز للمشتري التصرف بهذا التسليم فلا يكون تاما شرعا.