احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص23
أحدها: لو اشتبه الميت بالمذكى لم يجز بيعه، وفاقاً لجمع من اساطين المتأخرين، وعن الشيخ في النهاية(8) وابن حمزة(9) جواز بيع ذلك على مستحل الميتة واستوجهه في الكفاية، وعن المحقق الجواز إن قصد بيع المذكى خاصة(10)، وعن الشهيد في
الدروس(1) عرضه على النار واختباره بالانبساط والانقباض كاللحم المطروح المشتبه، والاقوى عدم الجواز مطلقاً لان المشتبه بالميتة كالميتة اكلا وانتفاعا، فكما لا يجوز اكل الميتة ولا الانتفاع بها لا يجوز اكل المشتبه بها ولا الانتفاع به، لوجوب الاجتناب عن اكل المشتبهين، فيكون دفع الثمن بازاء المذكى المشتبه بالميتة وقبضه وأكله من باب أكل المال بالباطل المنهي عنه.
هذا إن قصد بيع المذكى، وإن قصد بيع المجموع فاولى بالبطلان ؛لما دل على عدم جواز بيع النجس، وما دل على عدم جواز بيع الميتة، وما دل على عدم جواز الانتفاع بها، فان ذلك كله شامل.
استدل الشيخ وابن حمزة(2) على جواز بيع ذلك على المستحل بخبر الحلبي، قال سمعت ابا عبد الله (() يقول: (اذا اختلط المذكى والميتة باعه ممن يستحل الميتة واكل ثمنه)(3) ، وخبره الآخر عن أبي عبد الله ((): (أنه سئل عن رجل كان له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ثم ان الميتة والذكي أختلطا، كيف يصنع ؟ قال: يبيعه ممن يستحل الميتة وياكل ثمنه، فأنه لاباس )(4) ، وخبر علي بن جعفر (() مثله.
وفيه أن هذه الاخبار مع معارضتها بالمرويّ عن امير المؤمنين ((): (انه يرمي بها)، ليست لها قابلية معارضة ما دل على المنع من بيع النجس، وما دلّ على المنع من بيع الميتة وإن ثمنها سحت، وما دل من المنع من الاعانة على الاثم، وما دل على النهي عن المنكر لان الكفار مكلفون بالفروع، والاجماعات المتقدمة، فلا بد من اطّراحها أو حملها(5) على التعجيز كما قيل، بناء على عدم المستحل للميتة بعد عهد موسى (() ، او حملها على التقية بحمل المبيع منها على جلودها خاصة بعد الدبغ فيكون المراد من المستحل ما يعم الكافر والمخالف.
قال بعض المعاصرين: ويمكن حملها على صورة قصد البائع المسلم اجزاءَها التي لا تحلها الحياة من الصوف والشعر والعظم ونحوها، وتخصيص المشتري بالمستحل لان الداعي له على الاشتراء اللحم ايضا، ولا يوجب ذلك فساد البيع ما لم يقع العقد عليه(1)، وهو كما ترى، وحَمَل العلامة الاخبار المذكورة على أن ذلك ليس بيعا صحيحاً بل هو استنقاذ من مال الكافر وأخراج للمال من يده بحيلة(2).