احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص11
فنقول قد تقدم اصلان: جواز البيع عند تحليل سائر المنافع وتحريمه عند تحريمها وعن المقداد والفخر أنهما قالا في بيان حرمة بيع الاعيان النجسة: إنما يحرم بيعها لأنها محرّمة الانتفاع وكل محرم الانتفاع لا يصح بيعه، ومما يدل على هذه القاعدة أن المفهوم من الكتاب والسنة ان المعاملات إنما شرعتْ لمصالح العباد وفوائدهم الدنيوية والاخروية مما يسمى مصلحة أو فائدة عرفا، ومع تحريــم جميع المنافع لا مصلحة في المعاملة.
ويدل عليها ما روي عن النبي (() أنه قال: (ان الله اذا حرّم شيئاً حرُم ثمنه)(4) ويدل عليها ايضا خبر ابي بصير عن ابي عبد الله، انه قال ((): (انّ الذي حرّم شربها حرّم ثمنها)(1) ولا يخفى ان لفظ البيع والثمن في الخبر من باب المثال.
ويدل عليها ايضا قوله ((): ( لعن الله اليهود حرَّمت عليهم الشحوم فباعوها)(2) ويدل عليه أيضا خبر تحف العقول حيث قال فيه: (وأما وجوه الحرام من البيع والشراء، فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد)(3) ويدل على القاعدة المذكورة خبر دعائم الاسلام عن الصادق ((): (إن الحلال من البيع كل ما كان حلالاً من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام الناس ويباح لهم الانتفاع به.
وما كان محرماً أصله منهياً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه)(4).
ويمكن أن يدّعى أن الاكتساب بمحرم المنافع من باب الأكل بالباطل، لأن العوض إنما يدفع في مقابلة الانتفاع بالمعوض، فإذا حرم الانتفاع بالمعوّض كان أخذ العوض من غير مقابل، وهو عين الأكل بالباطل، بل ربما يقال أنها من المعاوضات الشفهية الباطلة.
وكما أن محرّمَ جميع المنافع يحرُم الاكتساب به فكذا محرّم المنفعة الغالبة الظاهرة المقصودة من تلك العين يحرم الاكتساب به، وربما يشعر بذلك قوله ((): (الذي حرّم شربها حرّم ثمنها )(5)، وقد عرفت أن الثمن في الخبر من باب المثال، بل ربما يشعر بذلك قوله ((): (لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشحوم فباعوها)(6).
لأن الظاهر من حرمة الشحوم اكلها ولـو كانـت المنفعـة النـادرة المـحلَّلة قـاضيـة بـجـواز
(1) في الايضاح (من).
(2)ابن العلامة ،ايضاح الفوائد، 1/401، والعبارة الاخيره فيه ( صار كالقسم الاول الذي لا منفعة فيه).
(3)المقداد السيوري، التنقيح، ورقة 55 ب.
(4) علي بن عمر الدار قطني، سنن الدار قطني، 3/57 الطوسي، الخلاف، 3//184، علي بن الجعد، مسند ابن الجعد، 479.
(1) الحر العاملي، وسائل الشيعة، 12 / 164.
(2) احمد بن حنبل، مسند احمد، 1/247، البخاري، صحيح البخاري، 30، 40، البيهقي، الحسن البكري 6 / 13.