احکام المتاجر المحرمة-ج1-ص5
ولا يمكن إرادة المعنى الثالث، لاته وان سلِم من الأخصّية بالنظر الى المعنون، لكنه شامل لجميع المعاوضات، فلا يناسب المقابلة معها.
وأما المعنى الرابع: فقد صرّح بعض المتأخرين بحمل التجارة عليه هنا، وقال المراد: كتاب التجارة، أي كتاب البيع، ويشهد لهذا المعنى قولهم: تاجَرَ فلان، أي باع واشترى، وهو مما لا باس به، إذ هو المناسب لإفراد ما عداه بكتب مستقلة، لإنه مباين لها حق المباينة.
نعم يبقى ذكر أنواع المكاسب من جملة فصول البيع مما لاوجه له، وكان اللائق إفرادها بكتابٍ مستقلا، ولكنها لمّا كانت قليلة المسائل لم يناسبب إفرادها بكتاب مستقل، فلزم إدراجها في طيّ أفراد المكاسب، ولما كان البيع أظهر أفرادها، وأغلبها وقوعا واستعمالا أدرجها في طيّ مسائله، لانه أولى من تفريعها على الابواب، أو ذكرها في باب مستقبل أو ذكرها في غيره.
قال في الجواهر: ( وهو وإن كان قد يشهد له إفراد غير البيع من اقسام المعاوضات بكتب مستقلة (لكن)(1) يبعّده معروفية كونها أعم من ذلك، وذكرُ(2) كثيرٍ من احكام التكسب وما يكتسب به ونحوها مما لا مدخلية له في البيع، ولذلك قلنا يكون المراد منها مطلق المعاوضة، وعدم إفراد البيع بكتاب بخلاف غيره من أفرادها لشدة تعلقه بها وغلبته فيها(3) انتهى.
وهو كما ترى إذ معروفية التجارة بما يعم البيع لا ينافي إرادة خصوص البيع فيها هنا لما سمعت من القرينة، وذكرُ ما لا مدخلية له في البيع قد عرفت المناسبة فيه.
أقسام التجارة
وكيف كان، فتنقسم التجارة بمعنى الاكتساب الى الاحكام الخمسة:
الحرمة، والكراهة، والوجوب، والاباحة، والاستحباب، ولا ينافي ذلك ما في الشرائع حيث قال: الاول فيما يكتسب به، وينقسم الى: محرم، ومكروه، ومباح(4).
أنّ الضمير في ينقسم إما راجع الى الاكتساب المأخوذ في ضمن يكتسب على حد قوله: [اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى](5)، أو الى نفس ما يكتسب به، وعلى الاول فلا إشكال لأن الاكتساب من افعال المكلف التي هي موضوع الفقه المبحوث عنها من حيث الاقتضاء والتخيير والوضع.
وعلى الثاني يشكل الحال ضرورة ان العين المكتسب بها مما لا تتعلق بها الاحكام إلا باعتبار فعل المكلف، فهي من حيث الذات لا تتصف بوجوب ولا كراهة ولا حرمة ولا إباحة ولا استحباب.