الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2160
أما الكاهن فقيل: هو الساحر، وقيل: هو العراف، وهو الذي يحدث ويتخرص، وقيل: هو الذي له من لجن من يأتيه بالأخبار.
الحنفية قالوا: إن الكاهن إن اعقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر، وإن اعتقد أنه تخيل لم يكفر.
الشافعية – قالوا: إن الكاهن إن اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب، وأنها تفعل ما يلتمسه منها كفر.
الحنابلة قالوا: إن الكاهن حكمه حكم الساحر، فيقتل لقوله سيدنا عمر رضي اللّه عنه: (اقتلوا كل ساحر وكاهن) وفي رواية إن تاب لم يقتل، ويجب أن لا يعدل عن قول الشافعية في كفر الساحر والعراف وعدمه، وأما قتله فيجب، ولا يستتاب إذا عرفت مزاولته لعمل السحر لسعيه بالفساد في الأرض لا بمجرد عمله، إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره، قالوا: ولا تقبل توبة الساحر والزنديق وهو من لا دين له.
وقد ورد الشع بذم السحر قال تعالى: ولا يفلح الساحر حيث أتى
أي حيث كان وأين أقبل. وقال تعلاى: ولا يفلح الساحرون
أي لا يظفرون بمطلوب، ولا ينجون من مكروه.
قال الإمام النووي رحمه اللّه تعالى: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه من الموبقات السبع، ومن السحر ما يكون كفراً، ومنه ما لا يكون كفراً بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر، وإلا فلا.
المالكية رحمهم اللّه قالوا: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق: قال عياض: وقول مالك قال أحمد وجماعة من الصحابة والتابعين، وذلك فيمن عمل به للباطل والشر.
أما من تعلمه لفك المسحور، ومنع الأذى عنه، أو تعلمه للعلم فقط ولم يعمل به فهو جائز.
وقد سئل الإمام أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور، فقال: لا بأس به، وهذا هو المعتمد، فحكم السحر تابع للقصد، فمن فصد به الخير جاز له، وإلا حرم عليه، إلا أن أدى إلى الشرك، وإلا كان كافراً.
ولا يقتل الساحر إلا أن يقتل أحداً بسحره، ويثبت عليه بإقراره، وأما إذا كان ذمياً، وأوصل بسحره ضرراً لميلم يكون قد نقض العهد ويحل قتله، وإنما لم يقتل النبي صلى اللّه عليه وسلم لبيد بن الأعصم على سحره وقد كان ذمياً لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان لا ينتقم لنفسه، ولأنه خشي إذا قتل لبيد بن الأعصم أن تقوم فتنة بين المسلمين في المدينة. لأنه كان من بين زريق، وهم بطن من الأنصار مشهور من الخزرج، وكان الناس حديثي بالإسلام.