الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2143
ولقد ذكر اللّه في الآية الكريمة فظاعة أمر هذه الجريمة، وشنع على من وقع فيها، وشرح عظيم خطرها، وشديد وعيدها وأي وعيد اشد، من اللعنة في الدنيا والآخرة، وهو الطرد من رحمة اللّه، واستحقاق العذاب العظيمن وتقرير ذنبه بشهادة جوارحه عليه بما يخزيه ويقطع حجته ويسد عليه باب التنصل من ذنبه أمام الأشهاد يوم القيامة.
ثم أردف ذلك بأنه سيوفى جزاءه الحق، وليعلم الجاني إن لم يكن علم أن اللّه هو الحق، وإن وعيده هو الحق، وأن قوله هو الحق المبين، وقد ذكر العلماء أن القاذف مطالب في الدنيا لتصديقه بأربعة شهداء فالقاذف يقوم في وجهه لتكذيبه خمسة شهود من جوارحه لسانه، ويداه، ورجلاه، تنكيلاً له، وفضيحة لشأنه، جزاء فضيحته للمحصنات المؤمنات) وأي مسلم يخفى عليه أن أكل مال اليتيم جريمة من أرذل الجرائم وأخسها، لا يأتيها إلا النذال الذين قست قلوبهم، ونزعت منهم عائطفة الرحمة والإنسانية وأصبحوا كالحيوانات المتفرسة هم أضل سبيلاً.
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
5 الجواب عن السؤال الثاني
-إن الموبقات المذكورة في الحديث معنهاها المهلكات، وهي مودبة للهلاك الدنيوي والأخروي، لا محالة، ولكن الحديث الذي معنا لم ينص على كل الموبقات. بل هنالك موبقات ذكرت في الأحاديث الصحيحة الأخرى، وقد حصرها بعض العلماء في إحدى وعشرين، منها السبع المذكورة في الحديث الشريف.
4 الكبيرة الثامنة شهادة الزور
-ثامنها شهادة الزور: وقد ورد في الصحيح أنها أكبر الكبائر، عن أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه قال: (كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ (ثلاثا) الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور، وقول الزور، وكان متكئاً فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
أما كون شهادة الزور جريمة خلقية شائنة تنافي النظام العمراني، وتفضي إلى الفوضى في كل نواحي الحياة، فظاهر لا يخفى على أحد، فهي شر مستطير، يجب على الناس أن ينزهوا عنه أنفسهم تنزيهاً تاماً(1)
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
(1) (لقد ذكر العلماء أن شهادة الزور من أكبر الكبائر لأن اللّه تعالى أمرنا باجتنابها وقرنها بالشرك والعياذ بالله تعالى فقال عز وجل: فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور