پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2140

وأي مسلم يخفى عليه أن أكل الربا من الكبائر المجرمة لما يترتب عليه من استذلال المحتاجين، واستنزاف أموالهم، وحصر الثروة في أيدي المرابين الذين يستلذون اقتناص أموال الناس وحبسها بين أيديهم بدون أن يستخدموها في مصالح المجتمع، وإصلاح حال الإنسان(2)

وأي مسلم يحفى عليه أن الفرار من قتال الأعداء الذين يرديون انتهاك حرمات الوطن والدين واستذلال الاحرار الأعزاء، واستعمالهم استعمال الأرقاء الذين لا إرادة لهم جريمة من شر الجرائم، وموبقة من أسوأ الموبقات.

لا ريب في أن كل هذه الخصال كبائر تنافي الفضائل الإنسانية، وتتعارض مع الحياة الكريمة، وإذا فشت في أمة من الأمم اهلكتها لا محالة.

أما قذف المحصنات فقد بينا آثاره الضارة فيما أسلفنا من القول في الحدود. وسنذكر لك ما يترتب على السحر من الآثار الضارة قريباً، فالنبي صلى اللّه عليه وسلم وهو المربي الأعظم الذي لا ينظق عن الهوى قد نهى أمته نهياً جازماً عن هذه الجرائم المؤقة التي يترتب عليها هلاك المرء في الدنيا والآخرة، فهي من مخازي هذه الحياة الدنيا، ومن شر آفاتها التي إليها الشهوة، وتستلذها النفس الضعيفة، ومن ورائها الخزي الدائم والعذاب الأليم.

– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –

(1) (قال تعالى: فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً، يذرؤكم فيه ليس شيء وهو السميع البصير

آية (11 سورة الشورى).

فالله تعالى هو القادر الحكيم الذي أبدع السموات والأرض وخلقهما وما فيهما من أجرام وأجسام وماء وهواء، وخلق لنا أزواجاً من أنفسنا، وخلق من الأنعام ثمانية، ذكور الإبل والبقر، والضأن، والمعز، وإناثها، وهو الذي يخلقنا في الأرحام ويصورنا كيف يشاء لا يشابهه شيء في عظمته وكبريائه، وملكوته، وحسنى أسمائه، وعلى صفاته، لا يشابه شيئاً من مخلوقاته، ولا يشبه به، فهو واحد في ذاته وصفاته، ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعلن ولا كصفته صفة، إلا من جهة موافقة اللفظ، وجلت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة، فليعتبر أولئك الملحدون الطبيعيون، الذين ضلوا عن الطريق المستقيم وكفروا برب العالمين)

(2) (قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم