پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2129

وقيل: تقبل توبته إذا رجع إلى الإسلام كما هو مذهب الشافعي، حتى في سب الملائكة والأنبياء، والفرق بين سب اللّه تعالى فتقبل التوبة فيه، وبين سب الأنبياء، والملائكة فلا يقبل، أن اللّه تعالى لما كان منزهاً عن لحوق النقص له عقلاً قبل من العبد التوبة، بخلاف خواص عباده المؤنين به لأن استحاله النقص عليهم من اخبار اللّه تعالى، لا من ذواتهم فشدد فيهم، فردت توبته، ويقتل.

وأسقط الإسلام الثاني ما عليه من صلاة، وصوم، وزكاة، إن كانت عليه، فلا يطلب منه فعلها بعد رجوعه إلى الإسلام إلا أن يسلم قبل خروج وقت الصلاة، وذلك لقوله تعالى: قل للذين كفروا أن يتنهوا يغفر لهم ما قد سلف

ويحبط ثواب عمله السابق بردته، لقوله تعالى: لئن اشركت ليحبطن عملك

ويجب عليه الوضوء، لا الغسل إلا بموجب له، ويجب عليه إعادة الحج لبقاء وقته وهو العمر، ويسقط عنه النذر، وكفارة الايمان، وكذلك العتق والظهار، والطلاق، كأن قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم دخل الدار بعد ردته أو توبته، ويبطل إحصانه، أما الطلاق الذي صدر منه قبل الردة، فإذا طلق ثلاثاً ثم ارتد، ثم رجع للإسلام، فلا تحل له إلا بعد زوج، ما لم يرتدا معاً ثم يرجع للإسلام.

الحنفية، والشافعية قالوا: إن الزنديق إذا تاب. وأظهر الإسلام تقبل توبته، ويستتاب ولا يقتل، ويلحق بالكافر الأصلي إذا اعتنق الإسلام، فإنه يقبل منه، ويترك.

وفي قول للشافعية: أنه لا يصح إسلامه إن ارتد إلى كفرخفي، أو إلى كفر باطنية، وهم القائلون بأن للقرآن باطناً، وأنه الراد منه دون الظاهر، أو ارتد إلى دين يزعم أن محمداً مبعوث إلى العرب خاصة، أو ارتد إلى دين يقول: إن رسالة محمد حق لكنه لم يظهر بعد، أو إذا جحد فرضاً، أو تحريماً، فإنه لا يصح إسلامه، ويجب قتله حداً، وكذلك الفلاسفة الذين يزعمون أن اللّه خلق شيئاً ثم خلق منه شيئاً آخر يدير العالم، وسموا الأول العقل، والثاني النفس، فإنه كفر ظاهر، وكذلك الطبائعي القائل بنسبة الحياة والموت إلى الطبيعة، ومن قذف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو سبه، أو سب واحداً من الرسل الكرام الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، أو كذب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في دعوته فإنه يقتل حداً، ولا يسقط عنه الحد بالتوبة.

وقيل: لا يقتل بعد التوبة: بل يجلد ثمانين جلدة،ن لأن الردة ارتفعت بإسلامه، وبقي الجلد عليه.

الحنفية قالوا: كل من أبغض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقلبه كان مرتداً، فالسب بطريق أولى فيقتل حداً ولا تقبل توبته في إسقاط القتل عنه.