الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2128
المالكية، والشافعية، والحنابلة – قالوا: إن ما اكتسبه المرتد في إسلامه، وما اكتسبه في حال ردته يكون فيئاً، لأنه مات كافراً، والمسلم لا يرث الكافر إجماعاً، ثم هو مال حربي لا أمان له، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فيكون فيئاً.
الشافعية – قالوا: في زوال ملك المرتد عن ماله الحاصل قبل الردة، أو فيها بالردة أقوال: أظهرها الوقوف كبضعزوجته سواء ألحق بدرا الحرب أم لا، فإن هلك مرتداً بأن زاوله بالردة فما ملكه فيء، وما تملكه من احتطاب، ونحوه باق على الإباحة، وإن أسلم بأن أنه لم يزل، لأن بطلان أعماله تتوفق على هلاكه على الردة، فكذا زوال ملك.
وقيل: يزول ملكه عن ماله بنفس الردة لزوال العصمة بردته فماله اولى.
وقيل: لا يزول ملكه بالردة، لأن الكفر لا ينافي الملك كالكافر الأصلي.
ويتفرع على هذه الأقوال أنه يقضي من مال المرتد دين لزمه قبلها بإتلاف أو غيره، لأنا إن قلنا ببقاء ملكه أو إنه موقوف فواضح، وإن قلنا بزواله فهي لا تزيد على الموت، والدين يقدم على حق الورثة، فكذا على حق الفيء ا هـ.
حكم الزنديق.
المالكية، والحنابلة قالوا: ويجب قتل الزنديق بعد الاطلاع عليه بلا طلب توبة منه، وهو الذي يسر الكفر، ويظهر الإسلام، وهو الذي كان يسمى منافقاً في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه رضوان اللّه عليهم أجمعين، ولا بد من قتله وإن تاب، لكن إن تاب قتل حداً، لا كفراً، فيحكم له بالإسلام ويغسل، ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويترك أمره إلى اللّه عز وجل، أما إذا جاء قبل الاطلاع على أمره فلا يقتل، وله أحوال خمسة، ثلاثة يكون ماله لورثته، وهي ما إذا جاء تائباً، أو تاب بعد الاطلاع عليه، أو لم تثبت زندقته إلا بعد موته، وحالان يكون ماله فيها لبيت المال، وهي ما إذا اطلعنا عليه قبل الموت، وقتلناه بغير توبة، أو مات بغير توبة ومثله الذي سب نبياً أجمعت الأمة على نبوته، فإنه بدون اســابة، ولا تقبل توبته، ثم إن تاب قتل حداً، ولا يعذر الساب بجهل لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهل، ولا يعذر بسكر حرام، أو تهور، أو غيظ بل يقتل، والساب الكافر اصلاً إذا اعتنق الإسلام، ولو كان إسلامه خوفاً من القتل، فإنه لا يجب قتله، لأن الإسلام يجب ما قبله.
أما المسلم إذا ارتد بغير السب، ثم سب زمن الردة، ثم أسلم ثانية، فلا يسقط عنه قتل السب، لأنه حد من حدود اللّه تعالى وجب عليه.