پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2126

المالكية قالوا: إن المرأة المرتدة إذا كانت مرضعاً يؤخر قتلها لتمام رضاع طفلها، إن لم يوجد مرضع أو وجد، ولم يقبلها الولد، وتؤخر ذات الزوج، وكذلك المطلقة طلقة رجعية، أما البائن فإن ارتدت بعد حيض بعد طلاق فلا تؤخر، وإلا أخرت لحيضة، إن كانت من ذوات الحيض، ولو كانت عادتها في كل خمس سنين مرة، وإن كانت ممن لا تحيض لضعف وإياس مشكوك فيه استرئت ثلاثة أهر إن كانت ممن يتوقع حملها، وإن كانت ممن لا يتوقع حملها قتلت بعد الاستتابة، وإن لم يكن لها زوج لم تستبرأ.

الحنفية قالوا: إن المرأة المرتدة لا يجب قتلها، فإن قتلها رجل لم يضمن شيئاً حرة كانت أو عبدة، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن قتل النساء، ولأن الأصل تأخير الأجزية إلى دار الآخرة، إذ تعجيلها يخل بمعنى الابتلاء، وإنما عدل عنه دفعاً لسر ناجز، وهو الحراب، ولا يتوجه ذلك من النساء لعدم صلاحية البنية بخلاف الرجال، فصارت المرتدة كالأصلية، وكل جزاء شرع في الدار ماهو ألا لمصالح تعود إلينا في هذه الدنيا، كالقصاص، وحد القذف، والشرب، والزنا، والسرقة، فشرعت لحفظ النفوس، والأعراض، والعقول، والأنساب، والأموال، فكذا يجب في القتل بالردة أن يكون لدفع شر حداً به، لا جزاء على فعل الكفر، لأن جزاءه أعظم من ذلك عند اللّه تعالى، فيختص لمن يأتي منه الحراب، وهو الرجل، ولهذا نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قتل النساء، وعلله بأنها لم تكن تقاتل، على ما صح من الحديث فيما تقدم.

وما قيل: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتل مرتدة، فقد قيل: إنه عليه الصلاة والسلام لم يقتلها بمجرد الردة، بل لأنها كانت ساحرة، شاعرة، تهجو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان لها ثلاثون ابناً، وهي تحرضهم على قتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأمر بقتلها لهذه الأسباب. ولكن يجب حبسها أبداً حتى تسلم، أو تمت، وتضرب كل يوم تسعة وثلاثين سوطاً. وهذا قتل معنى، لأن موالاة الضرب تفضي إليه، وإنما يجب حبسها لأنها امتنعت عن إيفاء حق اللّه تعالى بعد الإقرار فتجبر على إيفاء بالحبس، كما في حقوق العباد.

وفي الجامع الصير: تجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة، والأمة يجبرها مولاها، لما فيه من الجمع بين الحقين يعني حق اللّه تعالى، وحق السيد، ولا تسترق الحرة المرتدة ما دامت في دار الإسلام، وإنما تضرب كل يوم، مبالغة في الحمل على اعتناق الإسلام، وكسبها لورثتها لأنه لا حراب منها، ويرثها زوجها المسلم.

وقد روى أبو يوسف عن أبي حنيفة، عن عاصيم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن أبن عباس رضي اللّه عنهم، قال: (لا تقتل النساء إذا هن ارتدن عن الإسلام، ولكن يحبسن. ويدعين إلى الإسلام ويجبرن عليه).