پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2123

وأما الأسير فللإمام الخيار فيه، فيحكم نظره فيما هو أحسن المرين في كسر الشوكة من قتله وحبسه، ويختلف ذلك بحسب الحال، لا بهوى النفس والتشفي.

وإذا أخذت المرأة من أهل البغي، وكانت تقاتل حبست، ولا تقتل إلا في حال مقاتلتها، دفعاً عن النفس، وإنما تحبس للمعصية ولمنعها من الشر والفتنة، لما روي عن سيدنا علي رضي اللّه عنه أنه قال يوم الجمل: وإياكم والنساء، وإن شتمن أعراضكم، وسببن امراءكم، ولقد رأيتنا في الجاهلية، وإن الرجل ليتناول المرأة بالجريدة، أو بالهراوة فيعبر بها هو وعقبه من بعده).

الشافعية – قالوا: إذا طلب أهل البغي من الإمام الامهال اجتهد فيه، وفي عدمه، وفعل ما رآه صواباً، فإن ظهر أن استمالهم للتأمل في إزالة الشبهة أمهلهم ليتضه لهم الحق، وإن ظهر أنهم يحتالون لاجتماع عساكرهم لم يمهلهم، فإذا وقع القتال بينهم، فلا يجوز قتل مدبرهم، ولا من ألقى سلاحه، ولا جريحهم، ولا أسيرهم، إذا كان الإمام يرى رأياً فيهم لقوله تعالى حتى تفيء

والفيء الرجوع عن القتال بالهزيمة، ولأن قتالهم شرع للدفع عن منع الطاعة، وقد زال، ويحبس أسيرهم ،إن كان صبياً، أو امرأة، أو عبداً، حتى تنقضي الحرب ويفرق جمعهم.

وقالوا: إذا انقضت الحرب يجب على الإمام أن يرد إلى البغاة سلاحهم، وخيلهم، وغيرها، ويحرم استعمال شيء من سلاحهم، وخيلهم، وغيرها من أموالهم إلا لضرورة، كما إذا خيف انهزام أهل العدل ولم يجدوا غير خيولهم، فيجوز لهم ركوبها، واستعمال أسلحتهم، لعموم قوله صلى اللّه عليه وسلم: (لا يحل مال أمرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) ولا يقاتلون بشيء فظيع كالنار، والنجنيق إلا للضرورة، ولا يستعان عليهم بكافر، ولا بمن يرى قتلهم مدبرين.

الحنفية قالوا: ويحبس الإمام أموال البغاة فلا يردها عليهم، ولا يقسمها حتى يتوبوا، فيردها عليهم، أما عدم القسمة، فلأنها ليست غنائم، وأما الحبس فالدفع شرهم، بكسر شوكتهم، ولهذا يحبسها عنهم، وإن كان لا يحتاج إليها، إلا أنه يبيع الكراع لأن حبس الثمن أنظر وأيسر، وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر، لم يأخذه الإمام ثانياً، لأنه لم يحمهم.

مبحث حكم المرتد – تعريف المرتد.