الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2110
ذكر العلماء، أنه يستثنى من إقامة التعزير مسائل (اولاً) يترك التعزير إذا صدر الفعل من رجل صالح فإنه يعفو عنه. لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (أقيلوا من ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) رواه أو داود.
الشافعية – قالوا: المراد بذوي الهيئات الذين لا يعرفون بالشر، فيقع أحدهم في زلة ثم يتوب منها ويندم عليها، أما إذا تكرر منه فإنه يعزر.
ثانياً: إذا قطع شخص أطراف نفسه، أو شوه جسده، أو أحرقه بالنار فلا يعزر، لأنه عذب نفسه.
ثالثاً: إذا وطئ الرجل زوجته أو أمته في دبرها فلا يعزر بأول مرة، بل ينهى عن العودة، فإن عاد عزر، والأصل لا يعزر لحق الفروع كالأب، والجد مع الأبناء.
رابعاً: إذا رأى من يزني بزوجته، وهو محصن فقتله في تلك الحالة فلا يعزر، وإن افتات على الإمام، لأجل الحمية والغيرة على العرض، وقد حث عليه الشارع.
خامساً: إن ارتد ثم أسلم.
سادساً: إذا تأخر الرجل عن اعطاء زوجته النفقة، فإنه يكون آثماص، ولا يعزر في ذلك.
سابعاً: إذا حلف الزوج يمين الظهار على زوجته فإنه يعزر مع الكفارةن وإذا أفسد الزوج الصائم يوماً من رمضان بجماع زوجته يعزر.
مبحث البغاة والمحاربين.
التفسير: الأصل في هذا الباب ما روي عن انس بن مالك رضي اللّه عنه أن ناساً من عرينة قدما المدينة فاجتووها فبعهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في إبل الصدقة، وامرهم أن يشربوا من أبوالها، وألبانها، ففعلوا فصحوا، فارتدوا عن الإسلام وقتلوا الراعي، وساقوا الإبل، فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في آثارهم فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلافن وسمر أعينهم، والقاهم في الحرة، قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشاً، حتى ماتوا) فنزل قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الرض فساداً أن يقتلوا، أو يصلبوا، أو تقطع أيديهم وارجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض. وذلك لهم خزي في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم
آية 33 من سورة المائدة، روي عن عكرمة، والحسن البصري. وعبد اللّه بن عباس رضي تعالى عنهم أن هذه الآية نزلت في المشركين، وقال أبن عباس: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهد وميثاق، فنقضوا العهد، والفسدوا في الرض، فخير اللّه رسول إن شاء أن يقتل، وإن شاء أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، رواه أبن جرير.