الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2104
وأجاز بعض الحنفية التعزير بالمال، على أنه إذا تاب يرد له، فإذا استثنينا من العقوبات حد السرقة، وحد القذف، واستثنينا القصاص، وبعض الأشياء التي جعل الشارع لها كفارة كالحلف بأقسامه، واتيان الزوجة وهي حائض فإن عقوبات الجرائم الخلقية، والمالية، وسائر المعاصي منوط بتقدير الحاكم، واجتهاده، فعليه أن يضع جميع العقوبات التي تقضي على الرذائل، وتزجر المجرمين.
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
(1) (الحنفية، والشافعية، والحنابلة رحمهم اللّه – قالوا: لا يجوز أن يبلغ بالتعزير أعلى الحدود، لأن الإمام ونائبه إنما يحكمان على وفق الشريعة الغراء، وليس لهما أن يزيدا على ما قدرته الشريعة ذرة واحدة.
المالكية قالوا: إن التعزير راجع إلى رأي الإمام، فإن أن يزيد على الحدود فعل، لاجل المصلحة، لأن الشارع أمن الإمام الأعظم على أمته من بنعده، وأمر الأمة بالسمع والطاعة في كل ما لا معصية فيه لله عزوجل، بل ضرب بعض العتاة والفسقة الحد المقدر بما لا يردعه، فجاز للإمام الزيادة بالاجتهاد، مصلحة ذلك المعزر.
الحنفية، والشافعية قالوا: إن التعزير لا يختلف أسبابه، كأن يزاج في التعزير حتى يبلغ أجنى الحدود ولو في الجملة، وأدناها عند أبي حنيفة أربعون في الخمر، وعند الشافعيةن والحنابلة، عشرون فيكون أكثر التعزير عند الحنفية تسعة وثلاثون، وعد الشافعية والحنابلة تسعة عشر.
المالكية قالوا: يجوز للإمام الأعظم أن يضرب في التعزير أي عدد أدى إليه اجتهاده، ولو زاد عن الحد.
الحنابلة قالوا: إن التعزير يختلف باختلاف أسبابه، فإن كان بالوطء في الفرج شبهة كوطء الشريك. أو بالوطء فيما دون الفرج، فإنه يزاد على أدنى الحدود، ولا يبلغ فيه أعلاها، فيضرب مائة إلا سوطاً، وإن كان بغير الفرج كقبلة فإنه لا يبلغ في أدنى الحد اهـ).
(2) (لقد أجاز الإسلام التعزير بكل أنواعه للحاكم فقط، وليس له أن يفوضه إلى مستحقه ولا إلى غيره، ولم يجز الشرع التعزير لغير الإمام إلا لثلاثة فقط.
الأول. الأب: فإنه يجوز له أن يعزر ولده الغير للتعليم والتربية، والتأديب، والزجر عن ارتكاب الأمور المشينة، وعن فعل سيء الأخلاق، والظاهر أن الأم تلحق بالأب فيما إذا كان في زمن الصبا في كفالتها للصبي أو البنت فيجوز لها التعزير، وكذلك يجوز الأمر بالصلاة، والضرب عليها ولا يجوز للأب تعزير الابن البالغ، وإن كان فعل شيئاً سفيهاً، لأنه لا ينفع فيه الضرب بعد الكبر.
الثاني السيدك لقد أباح له الشرع أن ينبه رقيقه في حق نفسه، وفي حق اللّه تعالى، وفي تأديبه.