پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2101

– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –

3 القسم الثالث

4 باب التعزير

-أما التعزير فهو التأديب بما يراه الحاكم زاجراً لمن يفعل فعلاً محرماً عن العودة إلى هذا الفعل، فكل من أتى فعلاً محرماً لا حد فيه، ولا قصاص، ولا كفارة، فإن على الحاكم أن يعزره بما يراه زاجراً له عن العودة، من ضرب، أو سجن، أو توتبيخ.

وقد اشترط بعض الأئمة أن لا يزيد التعزير بالضرب على ثلاثين سوطاً، وقال بعضهم وهم المالكية: إن للإمام أن يضربه بما يراه زاجراً، ولو زاد عن مائة، بشرط أن لا يفضي ضربه إلى الموت(1).

وبعضهم وهم الحنابلة – قالوا: إنه لا يزيد في الضرب عن عشرة أسواط. ولكن أبن القيم الحنبلي لم يوافق على هذا، فقد ذكر (في أعلام الموقعين) أن التعزير بالضرب قد وصل إلى مائة سوط عند الحنابلة، كما إذا وطئ شخص جارية امرأته بإذنها – فإنه يعزر بضرب مائة. وقال: إن عمر بن الخطاب زاد في حد شرب الخمر أربعين فأوصله إلى ثمانين، ولا يعقل أن تكون هذه الزيادة من أصل الحد الي ورد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهو أربعون.

على أنك قد عرفت أن بعض العلماء يقول: إن عقوبة الشرب كلها من باب التعزير لا من باب الحد.

وظاهر عبارة أبن القيم في كتابه (أعلام الموقعين) تفيد أن للحاكم أن يعزر بما يشاء من سجن، أو ضربن كما هو رأي المالكية، فكل عقوبة تناسب حال البيئة، وتخيف المجرمين يجب أن تنفذ…

على أن الحنفية الذين قالوا: إنه لا يجوز للحاكم أن يزيد في التعذير بالضرب على ثلاثين سوطاً، وقالوا: إن للحاكم أن يعزر بالقتل، فإن عقوبة اللواكة عندهم من باب التعزير، ومع ذلك فإنهم يقولون: إذا تكررت هذه الفاحشة من شخص فإنه يعزر بالإعدام. إذ لا يليق أن يوجد بين النوع الإنساني من تنقلب طبيعته إلى هذا الحد، ولا يخفى ما في هذا من سلطة واسعة يتصرف فيها الحاكم بما يرى فيه المصلحة.

– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –

(1) (تعريفه: التعزير مصدر عزر من العزر وهو الرد والمنع ومنه قوله تعالى: وتعزروه